البذرة، والبذرة لا بدَّ لها من بيئة حتى تزكو وتثمر، والبيئة هي الأرض والماء والضوء والهواء.
فكذلك رضا الله عزَّ وجلَّ هو الغاية والمقصد من الدين، وذلك لا يكون إلا بطاعة الله ورسوله، وذلك لا يتم إلا بالإيمان بالله، والإيمان لا بدَّ له من بيئة صالحة حتى يثبت ويزكو وينمو ويثمر.
والبيئة هي التي تتمثل فيها الأعمال الصالحة كالعبادة والدعوة، والتعليم والذكر، واتباع السنن النبوية، والأخلاق والآداب الشرعية، وكل ما يرضي الله ورسوله.
فالدرجة الأولى الدعوة .. وبالدعوة يأتي الإيمان .. وبالإيمان تأتي طاعة الله ورسوله .. ثم يأتي رضا الله ورسوله .. ثم يأتي دخول الجنة.
وإذا ترك المسلم الدعوة إلى الله .. ضعف الإيمان .. وإذا ضعف الإيمان قلَّت الطاعات، وكثرت المعاصي .. وإذا جاء الكفر والمعاصي جاء غضب الله .. ثم نزلت عقوبة الله بمن عصاه في الدنيا، وبالنار في الآخرة.
كما قال سبحانه: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)} [الرعد: 34]
والطاعات والمعاصي وكل ما يجري في هذا الكون كله واقع بمشيئة الله وقدره، لكن الطاعات مأمور بها، والمعاصي مكروهة للرب، لكنه لم يأمر بها، لكنه شاء وقوعها، ولو لم يشأ لم تقع.
وقد أخبر الله عزَّ وجلَّ عن قدرته على تبديل من عصاه:
إما بخير منهم كما قال سبحانه: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)} [محمد: 38].
وأما بأمثالهم كما قال سبحانه: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)} [الواقعة: 60،61].
وإما بغيرهم كما قال سبحانه: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ