والمعاصي والذنوب فيها امتحان واختبار للعبد .. هل يصلح لعبودية الله وولايته أم لا؟.
فإذا وقع في الذنب سلب حلاوة الطاعة والقرب، ووقع في الوحشة.
فإن كان ممن يصلح اشتاقت نفسه إلى لذة تلك المعاملة، فحنت وأنت وتضرعت، واستعانت بربها ليردها إلى ما عودها من بره ولطفه.
وإن ركنت عنها، واستمر إعراضها، ولم تحن إلى مألوفها الأول، ولم تحس بضرورتها وفاقتها الشديدة إلى مراجعة قربها من ربها علم أنها لا تصلح لله عزَّ وجلَّ.
وإذا أذنب العبد أنساه الله رؤية طاعته، وأشغله برؤية ذنبه، فلا يزال نصب عينيه يستغفر الله منه، ويتوب إليه، ويتضرع بين يديه، ويزول عنه عجبه وكبره الذي قد يقتله ويهلكه.
وشهود العبد معصيته وخطيئته يوجب له أن لا يرى له على أحد فضلاً، ولا له على أحد حقاً، فإذا شهد عيب نفسه بفاحشة، لا يظن أنه خير من مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
وإذا شهد ذلك من نفسه لم ير لها على الناس حقوقاً من الإكرام يتقاضاهم إياها، ويذمهم على ترك القيام بها، فإنه عنده أخس قدراً، وأقل قيمة من أن يكون لها على عباد الله حقوقاً يجب مراعاتها، أو لها عليهم فضل يستحق أن يكرموه لأجله.
فيرى أن من سلم عليه، أو لقيه بوجه منبسط، قد أحسن إليه، وبذل له ما لا يستحقه، فاستراح في نفسه، واستراح الناس من عتبه وشكايته فما أطيب عيش هذا، وما أقر عينه.
والذنب كذلك يوجب له الإمساك عن عيوب الناس والفكر فيها، فإنه في شغل بعيبه ونفسه، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
وكذلك الذنب يوجب له الإحسان إلى الناس، والاستغفار لإخوانه الخاطئين