ومنهم من هو على طبيعة الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوساً، وأكرمها طبعاً.
ومنهم من هو على طبيعة الديك، يؤذن بالخير في كل مكان، ويؤثر غيره بما تحبه نفسه.
ومنهم من هو على طبيعة الثعلب، يروغ في معاملاته كما يروغ الثعلب.؟
ومنهم من هو على طبيعة الغنم، حيث السكينة والتواضع.
ومنهم من هو على طبيعة البقر، مهتم بنفسه، غافل عن غيره، وعن مصيره.
وهكذا .. وكل من ألف ضرباً من هذه الحيوانات، اكتسب من طبعه وخلقه، فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى وأظهر.
الثاني: مشهد الحكم القدري.
وهؤلاء يعصون الله، ويشهدون أنهم مجبورون على أفعالهم، وأنها واقعة بغير قدرتهم، وأن الفاعل غيرهم، والمحرك سواه، فلا ينسبون إلى أنفسهم فعلاً، ولا يرون لها إساءة، ويزعمون أن هذا هو التحقيق والتوحيد، وربما زادوا على ذلك، فيرى أحدهم نفسه مطيعاً من وجه، وإن كان عاصياً من وجه آخر لموافقته المشيئة والقدر.
فيقول: كما أن موافقة الأمر طاعة، فكذلك موافقة المشيئة طاعة، وأنا مطيع لإرادة الله ومشيئته، وإن كنت عاصياً لأمره.
وهؤلاء أعداء الله حقاً، وأولياء إبليس وأحباؤه وإخوانه، وشر خلق الله، وأصحاب المشهد الأول خير منهم.
وهذا المشهد بعينه هو المشهد الذي شهده المشركون عباد الأصنام، ووقفوا عنده: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)} [النحل: 35].