الدعوة.

فالصبر هو الزاد الأصيل في هذه المعركة الشاقة، وهي الدعوة إلى الله، المعركة المزدوجة مع شهوات النفوس، وأهواء القلوب، ومع أعداء الدعوة الذين تقودهم شياطين الشهوات، وتدفعهم شياطين الأهواء، وهي معركة طويلة عنيفة، لا زاد لها إلا الصبر الذي يقصد فيه وجه الله.

ومنهج الله تبارك وتعالى الذي أرسل به رسله كلهم واحد، وهو الإيمان بالله وعبادته وحده لا شريك له، وإقامة الحق والعدل بين الناس.

وكان كل رسول يؤمن بمن قبله، ويوصي أمته أن ينصروا الرسول المقبل، وقد أخذ الله الميثاق على الأنبياء، وكان هذا الميثاق أن كل رسول يأتي في عصر رسول آخر يؤمن به كما حدث بالنسبة لإبراهيم ولوط مثلاً، فقد أرسلا في عصر واحد، هذا يعالج داءً، وهذا يعالج داءً آخر، وكان كل منهما مؤمناً بالآخر.

وإن لم يكن النبي الآخر في عصره أوصى أمته بالإيمان به ونصرته وطاعته.

فرسالة الله عزَّ وجلَّ للبشرية، في جوهرها واحدة كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].

وقال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)} [آل عمران: 81].

فالدعوة إلى منهج الله واحدة منذ أول الخلق حتى نهايته، فلا يتعصب قوم لملتهم ولا لنبيهم؛ لأنهم جميعاً يبلغون عن إله واحد منهجاً واحداً.

فموكب الرسل موكب واحد متلاحم متعاضد متكامل، ولا يجوز لنبي ولا تابع نبي أن يصادم دعوة الرسول الذي يأتي بعده، ما دام مصدقاً لما بين يديه، ومزيداً عليه، وبذلك يزداد موكب الإيمان ولا ينقص.

فرب الناس هو الله، وعدو المؤمنين هو الشيطان، والكفار في كل زمان ومكان.

فكل من تولى وأعرض عن الرسول الجديد الذي جاء مصدقاً لما معهم، ومبيناً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015