والرصد، ويعلم ما هو مسلط عليه من علم وكشف، ويعلم من يراقبه، ويعلم من يحصي عليه أقواله وأفعاله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} [المائدة: 67].
إنه موقف يثير العطف على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى كل مسلم، كما يثير الرهبة حول هذا الشأن الخطير.
حقاً إن إنذار البشرية وإيقاظها وتخليصها من الشر في الدنيا، ومن النار في الآخرة، وتوجيهها إلى طريق الخلاص قبل فوات الأوان، إن ذلك كله واجب ثقيل شاق حين يناط بفرد من البشر مهما يكن نبياً رسولاً.
فالبشرية من الضلال والعصيان، والتمرد والانحراف، والعتو والعناد، والإصرار والاستكبار، يجعل من الدعوة أصعب شيء، وأثقل ما يكلفه إنسان في هذه الحياة لولا عون الله وتوفيقه.
ولكن الله يصطفي ويختار من يصلح لهداية البشرية، ويربيهم ويهديهم، ويوفقهم ويعينهم على حمل الأمانة العظمى.
إن الله عزَّ وجلَّ يأمر رسوله بإنذار البشرية كافة، ويوجهه في خاصة نفسه بعد إذ كلفه نذارة غيره إلى تكبير ربه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} [المدثر: 1 - 3].
كبر ربك وحده، فهو وحده الكبير الذي يستحق التكبير، فكل شيء، وكل أحد، وكل مخلوق، وكل قيمة، وكل كائن صغير، والله وحده هو الكبير، والسموات والأرض، والأجرام والأحجام، والأحداث والأحوال، كلها تتوارى وتنمحي في ظلال الجلال والكمال لله الواحد الكبير المتعال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي