خَبِيرًا (34)} [الأحزاب: 32 - 34].
فهذه حال سيد المرسلين، وهذه أوامر نسائه، وهذا ما ينبغي أن تكون عليه نساء المؤمنين بين نساء العالمين إلى يوم القيامة.
إن النبوة والرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية وفق أمر الله، وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهاج الإلهي، النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به وهم بشر، فلا بدَّ أن يكون رسولهم من البشر؛ ليحقق نموذجاً من الحياة يملكون هم أن يتبعوه.
ومن ثم كانت حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - معروضة لأنظار أمته، وقد سجل القرآن الكريم هذه الحياة بوصفها تلك الصفحة المعروضة لأنظار أمته على مدار السنين والقرون:
حياته الشخصية .. وحياته المنزلية .. وحياته الأسرية .. وعباداته ومعاملاته .. ومعاشراته وأخلاقه .. وجهاده وغزواته .. وأحواله في سفره وإقامته .. وصحته ومرضه ..
وسننه في حال الأكل والشرب .. والنوم واليقظة .. واللباس والركوب .. والسلم والحرب .. والغنى والفقر .. وهكذا ..
حتى خطرات قلبه سجلها القرآن لتطلع على كل ذلك الأجيال، وتقتدي بها، وتسير على هديها إلى يوم القيامة كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].
وقد أرسل الله الرسل مبشرين من أطاع الله بالجنة، ومنذرين من عصى بالنار، فيا حسرة على العباد تتاح لهم فرصة الفوز والفلاح، وفرصة النجاة، فيعرضون عنها، وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم، لا يتدبرونها ولا ينتفعون بها.
ويفتح الله لهم أبواب رحمته بإرسال الرسل إليهم الحين بعد الحين، ولكنهم يجافون أبواب الرحمة، ويسيئون الأدب مع الله: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)} [يس: 30].