فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ». متفق عليه (?).
والله قادر أن يجعل لرسوله الأموال والجنات والقصور والخزائن، ولكنه سبحانه شاء أن يجعل له خيراً من ذلك، وهو الاتصال بالله خالق كل شيء، ومالك كل شيء، ومعطي كل شيء، والشعور برعايته وإحاطته، وتذوق حلاوة ذلك الاتصال الذي لا تقاربه نعمة من النعم، ولا متاع صغر أو عظم: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11)} [الفرقان: 10، 11].
وفوق هذا فسنة الله في جميع الرسل أنهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، فهي سنة مقدرة مقصودة، لها غايتها المرسومة كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)} [الفرقان: 20].
وأي غرابة في أكل الطعام والمشي في الأسواق فهذه سنة الله في جميع البشر، فلا يعترض على ذلك إلا جاهل لا يدرك حكمة الله في تدبير خلقه، فليصبر من يثق بالله وحكمته ونصره، فالله ابتلى الرسل بأممهم، وابتلى الأمم بالرسل، وابتلى الأغنياء بالفقراء، وابتلى الفقراء بالأغنياء؛ ليعلم سبحانه من يصبر على هذا الابتلاء، وينفذ أمر الله فيه.
ولا بد للمسلم من الصبر، وبث الشكوى إلى من بيده مقاليد الأمور، وقد واجه الأنبياء والرسل من أذى البشر ما لا يطيقه إلا من ثبته الله وأعانه، من الكفر والتكذيب، والسخرية والاستهزاء، والضرب والأذى، والتحقير والتنفير، والصد والإعراض.
وقد حكى الله عن رسوله شكواه لقومه أنهم هجروا كتاب ربهم: {وَقَالَ الرَّسُولُ