والإعلام والإرشاد.
والاستقامة على الحق والتواصي به أمر عظيم يتطلب الصبر، ويجعل الإنسان مشدود الأعصاب، مضطرب الفؤاد؛ لما يراه من كثرة الأعداء وقلة الناصر، وقلة ذات اليد.
فلا بدَّ من الصبر على الطاعات .. والصبر عن المعاصي .. والصبر على البلاء .. والصبر على جهاد الأعداء .. والصبر على بطء النصر .. والصبر على انتفاش الباطل .. والصبر على قلة الناصر .. والصبر على ثقلة العناد .. والصبر على السب والشتم والضرب والقتل.
وقد أمر الله رسوله بالصبر على كل ذلك كما قال سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)} [الروم: 60].
وأمر أمته كذلك بالصبر والمصابرة ليحصل لهم الفوز والفلاح كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} [آل عمران: 200].
وحين يطول الأمد قد يضعف الصبر أو ينفذ إذا لم يكن هناك زاد، ومن ثم أمرنا الله بالصلاة التي بها تتجدد الطاقة ويزيد الإيمان، فيمتد حب الصبر ولا ينقطع.
فلا بدَّ للإنسان الفاني الضعيف أن يتصل بربه الكبير، ويستمد منه العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة، حينما تواجهه قوى الشر الظاهرة والباطنة، وحينما يثقل عليه جهد الاستقامة بين دفع الشهوات، وإغراء المطامع، وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة مرة، وحينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة.
هنا لا بدَّ له من الاتصال بربه، فيتوجه القلب المتعب المكدود إلى خالقه، وهنا يستجيب الله لمن دعاه، ويؤيده ويثبته ويؤنسه، ولا يدعه يقطع الطريق وحده، ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة، بل يمدهم بما ينفعهم حين ينفذ زادهم، ويوجههم للحصول على ذلك إلى أمرين كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا