وأطاعه في الشرائع المفصلة أعظم من ثواب الإيمان المجمل الذي أقرت به الأمم السابقة، فله عليه الصلاة والسلام نصيب من إيمان كل مؤمن من الأولين والآخرين، كما أن ضلال وغواية كل إنسان من الجن والإنس لإبليس منه نصيب، وعهد آدم عليه الصلاة والسلام وما بعده إلى ما قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - يشبه زمن طفولة الإنسان، وزمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن كمال الإنسان.
فجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بالدين الكامل الشامل الباقي إلى يوم القيامة كما قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. فالمولود يخاط له ثوب صغير، وكلما زاد طوله يخاط له أكبر، فإذا اكتمل طوله يخاط له ثوب يبقى طوله إلى أن يموت.
وهكذا الإسلام الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - صالح كامل، فلا يزاد فيه ولا ينقص منه، باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يقبل الله ديناً سواه بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85].
وقد أرسل الله الرسل لهداية الكفار، وإصلاح من فسدت حياته من المسلمين، وقد بعث الله الأنبياء والرسل ليأمروا الناس بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)} [النحل: 36].
فمن آمن من الناس بما جاءت به الرسل حصلت له السعادة في الدنيا والآخرة، واستفاد من قدرة الله، فإن الله لما آمنوا به وأطاعوه أحبهم وأيدهم بنصره ورزقهم من الطيبات.
فالاستفادة من المخلوقات يشترك فيها المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، لكن يمتاز المؤمن بحصول البركة في رزقه.