ينمو الحق في ذاته، فإن الله يجري سنته كما قال سبحانه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)} [الأنبياء: 18].
وقد خلق الله بني آدم، وأخذ عليهم العهد: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172].
وزودهم بالعقول، وفطرهم على التوحيد، ولكن الله قدر برحمته ألا يحاسبهم على ما فطرهم عليه من التوحيد، ولا على ما وهبهم من العقول.
بل أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، فجعل برحمته الحجة عليهم الرسالة كما قال سبحانه: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165].
فعلم الله تبارك وتعالى أن الفطر والعقول لا تكفي وحدها للهدى دون رسول من الله.
وقد بعث الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - على حين فترة من الرسل والناس إذ ذاك أحد رجلين:
إما كتابي معتصم بكتاب مبدل، أو محرف، أو منسوخ، ودين دارس، بعضه مجهول، وبعضه متروك.
وإما أمي من عربي وعجمي مقبل على عبادة ما استحسنه وظن أنه ينفعه من كوكب، أو وثن، أو قبر، أو تمثال، أو نار، أو غير ذلك مما زينه الشيطان وغرَّبه العباد، وقد آمن من هؤلاء أكثر ممن آمن من أهل الكتاب.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الإمام المطلق في الهدى لأول بني آدم وآخرهم كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأوَّلُ شَافِعٍ وَأوَّلُ مُشَفَّعٍ» أخرجه مسلم (?).
فقد أخذ الله الميثاق على جميع البشر أن يؤمنوا به، لكن ثواب من آمن به