ولما عرف حقيقة الإيمان نظرياً وعملياً أرسله الله إلى فرعون يدعوه إلى الله فقال له ولأخيه هارون عليهما الصلاة السلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه: 43،44].
فماذا قال موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)} [طه: 45].
فقال الله لهما: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)} [طه: 46].
فذهب موسى - صلى الله عليه وسلم - إلى فرعون بهذا اليقين، ودعاه إلى الله: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)} [القصص: 39،40].
فأهلكه الله وأغرقه وقومه في البحر، وأنجى الله موسى وبني إسرائيل كما قال سبحانه: {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)} [الشعراء: 65،66].
والله تبارك وتعالى هو الخلاق العليم: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} [القصص: 68].
خلق سبحانه أكبر المخلوقات وأعظمها وأوسعها وهو العرش، واختاره فاستوى عليه بأعظم صفة وأوسعها وهي الرحمة، فاستوى جلَّ جلاله على أعظم المخلوقات بأوسع الصفات وهي الرحمة، كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5].
واختار قلب الإنسان ليكون محلاً لنظره سبحانه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأعْمَالِكُمْ» أخرجه مسلم (?).
فالعرش عظيم جداً، والقلب صغير جداً، فإذا كانت (لا إله إلا الله) في قلب