الله في نفسه، ولا يقدر الله حق قدره.

فمن هم حتى يتطاولوا هذا التطاول؟.

ومن هم إلى جوار الله العظيم الجبار المتكبر؟.

ومن هم وهم في ملك الله وخلقه كالذرة التائهة الصغيرة؟.

إنه لا قيمة لهم عند الله حتى يربطوا أنفسهم بالله، عن طريق الإيمان بالله، فيستمدوا منه قيمتهم.

لقد عظم شأنهم في نظر أنفسهم، فاستكبروا وطغوا طغيانًا كبيرًا.

وفي مقابل هؤلاء الكفار عباد الله الذين آمنوا بالله ورسوله، عباد الرحمن الذين يعرفون الرحمن، ويستحقون أن ينسبوا إليه، وأن يكونوا عباده.

هاهم أولاء بصفاتهم المميزة، مثالاً حيًا واقعًا للجماعة المسلمة التي يريدها الله ويحبها.

وهؤلاء هم الذين يستحقون أن يعبأ الله بهم في الأرض، ويوجه إليهم عنايته، فالبشر كلهم أهون على الله من أن يعبأ بهم لولا أن هؤلاء فيهم، وعباد الرحمن لهم سمات وصفات:

فالسمة الأولى لعباد الرحمن، أنهم يمشون على الأرض هونًا، يمشون مشية سهلة هينة .. مشية سوية مطمئنة .. جادة قاصدة .. فيها وقار وسكينة .. وفيها جد وقوة .. وليس فيها تكلف ولا تصنع .. وليس فيها خيلاء ولا تنفج .. ولا تصعير خد .. ولا تخلع ولا ترهل .. وهم في جدهم ووقارهم لا يلتفتون إلى حماقة الحمقى .. وسفه السفهاء .. ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى .. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا، لا عن ضعف ولكن عن ترفع .. ولا عن عجز ولكن عن استعلاء: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} [الفرقان: 63].

هذا نهارهم وسلوكهم مع الناس، فأما ليلهم فهو مع ربهم، واقفون بين يديه ركعًا سجدًا، يتقون الله، ويشعرون بجلاله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015