تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} [الإسراء: 44].

ومن يؤمن من البشر، فأكثرهم إيمانه ممزوج بالشرك: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)} [يوسف: 106].

فالمشركون من العرب قالوا الملائكة بنات الله .. والمشركون من اليهود قالوا عزير ابن الله .. والمشركون من النصارى قالوا المسيح ابن الله.

فأي مقولة أعظم من هذه ممن وهبهم العقول؟.

وأي افتراء وبهتان وجهل بالله فوق هذا؟.

إن الكون كله ينتفض لهذه المقولة المنكرة في حق الله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)} [مريم: 88 - 92].

إن الكون كله يغضب لبارئه، سماواته وأرضه، وجباله وبحاره، ويهتز كل ساكن فيه، ويرتج كل مستقر، وهو يحس بتلك الكلمة العظيمة النابية من جهلة البشر في حق الله، تصدم كيانه وفطرته، وتجافي ما وقر في ضميره، وما استقر في كيانه.

وفي وسط الغضبة الكونية على هذه الكلمة النابية في حق الله، يصدر من الرب البيان الرهيب: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)} [مريم: 92، 93].

والمشركون لا يرجون لقاء الله، ولا يحسبون حسابه، ولا يقيمون حياتهم على أساسه، ومن ثم لا تستشعر قلوبهم وقار الله وهيبته وجلاله، فتنطلق ألسنتهم بكلمات لا تصدر عن قلب يرجو لقاء الله: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)} [الفرقان: 21].

إنه تطاول على مقام الله سبحانه، تطاول الجاهل المستهتر، الذي لا يحس جلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015