وعلى قراءة (ملَكين) بفتح اللام يكون الإغراء بالخلاص من قيود الجسد كالملائكة مع الخلود.
ولما كان الشيطان الرجيم يعلم أن الله قد نهاهما عن هذه الشجرة، وأن هذا النهي له ثقله في نفوسهما وقوته، فقد استعان على زعزعته، إلى جانب مداعبة شهواتهما، بتأمينهما من هذه الناحية، فحلف لهما بالله إنه لهما ناصح، وفي نصحه صادق: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)} [الأعراف: 21].
ونسي آدم وزوجه تحت تأثير الشهوة الدافعة، والقسم المخدر، أنه عدوهما الذي لا يمكن أن يدلهما على خير، وأن الله أمرهما أمرًا عليهما طاعته، سواء عرفا علته أم لم يعرفاها، وأنه لايكون شيء إلا بقدر من الله.
فإذا كان لم يقدر لهما الخلود والملك الذي لا يبلى فلن ينالاه، نسيا هذا كله، فماذا فعل الشيطان بهما؟.
{فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)} [الأعراف: 22].
لقد تمت الخدعة، وآتت ثمرتها المرة، لقد أنزلهما الشيطان بهذا الغرور من طاعة الله إلى معصيته، فأنزلهما من رتبتهما العالية التي هي البعد عن الذنوب والمعاصي إلى مرتبة دنيا، حيث دلاهما بغرور إلى المعصية.
فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما، وشعرا الآن أن لهما سوآت مواراة عنهما، سوأة المعاصي، وسوأة العورات.
فرآهما الرب يجمعان من ورق الجنة ليسترا به عوراتهما، التي يخجل الإنسان فطرةً من تعريها: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)} [الأعراف: 22].
وسمع آدم وزوجه هذا العتاب والتأنيب من ربهما على المعصية، وعلى إغفال النصيحة، وعلى طاعة العدو.