ومنها الشجاعة، فإن الشجاع أشرح الناس صدرًا، وأوسعهم صدرًا، والجبان أضيق الناس صدرًا لا فرحة له ولا سرور.
وحال العبد في القبر كحال القلب في الصدر نعيمًا وعذابًا، وسجنًا وانطلاقًا.
ومنها ترك فضول النظر والكلام، والسماع والمخالطة، والأكل والنوم، فإن هذه الفضول إذا لم تترك، تستحيل آلامًا وغمومًا وهمومًا في القلب، تحصره وتحبسه ويتعذب بها.
فما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من هذه الآفات بسهم؟.
وما أنكد عيشه؟ .. وما أسوأ حاله؟ .. وما أشد حصر قلبه؟.
وما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من الخصال المحمودة بسهم؟.
وكانت همته دائرة عليها حائمة حولها، فلهذا نصيب وافر من قوله سبحانه: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)} [الانفطار: 13].
ولذلك نصيب وافر من قوله سبحانه: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} [الانفطار: 14].
وبينهما مراتب متفاوتة لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر .. وأكمل الخلق متابعة له أكملهم انشراحًا .. وعلى حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره، وقرة عينه ما نال: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)} [الزمر: 22].
اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.