وجميل إحسانه وإنعامه، صار لقلبه عبودية أخرى، ومعرفة خاصة، وعلم أنه عبد من كل وجه، وبكل اعتبار.
وعلم أن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، والأمر كله بيده، والحمد كله له، وأزمة الأمور كلها بيده، ومرجعها كلها إليه.
وأعظم أسباب شرح الصدر التوحيد، وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22)} [الزمر: 22].
فالتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك من أعظم أسباب ضيق الصدر.
ومنها نور الإيمان الذي يقذفه الله في قلب العبد، فيشرح الصدر ويوسعه.
ومنها العلم، فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحصر، فكلما اتسع علم العبد بالله وأسمائه وصفاته ودينه وشرعه انشرح صدره واتسع.
ومنها الإنابة إلى الله سبحانه، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتلذذ بعبادته، فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك.
وكلما كانت المحبة لله أقوى وأشد، كان الصدر أفسح وأشرح.
ومن أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراض عن الله تعالى .. وتعلق القلب بغيره .. والغفلة عن ذكره .. ومحبته سواه .. فإن من أحب غير الله عذب به .. وسجن قلبه في محبة ذلك الغير، فما في الأرض أشقى منه.
ومن أسباب شرح الصدر وشفاء القلب الإحسان إلى الخلق، ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه.
فالكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، والبخيل أضيق الناس صدرًا، وأعظمهم همًا، وأنكدهم عيشًا.
ومن أسباب شرح الصدر دوام ذكر الله على كل حال، وفي كل موطن.