بالأموال، والأنفس، والشهوات، والجاه، والأوقات.
ولما تركت الأمة التضحية بذلك نقص الإيمان، وقلت الطاعات، وكثرت المعاصي، فجاء البلاء والفساد والعقاب.
فالشيطان يزين للإنسان الشهوات التي عاقبتها الهلاك، والأنبياء يأمرون الناس بالإيمان والأعمال الصالحة التي عاقبتها الفلاح.
وزينة القلب بالإيمان، وزينة الجوارح بالأعمال، وزينة الإنسان الداخلية والخارجية تكمل بالأخلاق الحسنة التي وصف الله بها نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].
وليس في الوجود شيء غير الله سبحانه يسكن إليه القلب، ويطمئن به، ويأنس به، ويتلذذ بالتوجه إليه.
ومن عبد غير الله سبحانه، وحصل له به نوع لذة ومنفعة، فمضرته بذلك أضعاف أضعاف منفعته، وهو بمنزلة أكل الطعام المسموم اللذيذ.
وكما أن السموات والأرض لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير الله تعالى، فسد فساداً لا يرجى صلاحه، إلا بأن يخرج ذلك المعبود من قلبه، ويكون لله وحده هو إلهه ومعبوده ومحبوبه.
وفقر العبد إلى أن يعبد الله وحده لا شريك له، ليس له نظير فيقاس به، ولكن يشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام والشراب والنفس، لكن بينهما فروق كثيرة.
فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، ولا صلاح له ولا سعادة إلا بإلهه الحق الذي لا إله إلا هو.
فلا يطمئن إلا بذكره .. ولا يسكن إلا بمعرفته وحبه .. ولو حصل له من اللذات والسرور بغيره ما حصل فلا يدوم له ذلك.
وكثيراً ما يكون ذلك الذي يتنعم به هو أعظم أسباب ألمه ومضرته.
وأما إلهه الحق فلا بدَّ له منه في كل وقت، وفي كل حال، وأينما كان.