خلق الله، الذي يعلمه الله، وعندئذ يتقي المؤمن النية المكنونة، والهاجس الدفين، كما يتقي الحركة المنظورة، والصوت الجهير، وهو يتعامل مع الله الذي يعلم السر والجهر، والغيب والشهادة، وما في الصدور وما في القلوب: {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحجرات: 18].
والله سبحانه يعلم ما في السموات وما في الأرض، ويعلم كل شيء: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)} [سبأ: 2].
فهو سبحانه الذي يعلم ما يقع في كل لحظة من الحركات والسكنات، والأحجام والأشكال، والأقوال والأفعال، والمخلوقات والأشياء.
إن أهل الأرض كلهم لو وقفوا حياتهم كلها يتتبعون ويحصون ما يقع من أمر الله وخلقه في لحظة واحدة، لأعجزهم تتبعه، فضلاً عن إحصائه، لكن الله علام الغيوب يعلمه، فهو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فكم من شيء في هذه اللحظة يلج في الأرض من مطر وبذر وحيوان؟.
وكم من شيء في هذه اللحظة يخرج منها من نبات وحيوان، ومعدن وغاز؟.
وكم من شيء في هذه اللحظة ينزل من السماء من الملائكة والأرزاق، والأقدار والأسرار، والأوامر والأمطار والرحمات؟.
وكم من شيء في هذه اللحظة يعرج فيها من الملائكة والأرواح والأعمال وغيرها؟
كم من شيء يلج في الأرض؟، وكم من حبة تختبئ في بطن هذه الأرض؟، وكم من دودة، ومن حشرة، ومن هامة، ومن زاحفة تلج في طول الأرض كلها؟.
وكم من قطرة ماء، ومن ذرة غاز، ومن إشعاع كهرباء، تندس في أحشاء هذه الأرض الفسيحة؟.
إن الله وحده هو الذي خلق ذلك كله، وهو الذي يعلمه، وهو الذي دبره، وهو