والتفسيرات الحرفية تفسيرات ديموقراطية، لأنها بالغة السهولة. إذ يفتح المفسر النص المقدَّس ويأخذ منه سطراً أو سطرين ويفسرهما بطريقة مباشرة، ولذا نجد أن الحركات الثورية الشعبية ذات الطابع المشيحاني الحلولي الكموني عادةً ما تكون تربة خصبة لظهور التفسيرات الحرفية للنصوص المقدَّسة والتنبؤات التي ترى أنه سيحدث تجسد كامل وفجائي للإله في التاريخ الإنساني (فيعود المركز إلى داخل النموذج) وتمتلئ الدنيا عدلاً بعد أن امتلأت جوراً وتنتهي كل الآلام، ويتوقف التاريخ البشري باعتباره مجال الحرية والجبر والانتصار والانكسار ويصل إلى نهايته السعيدة (نهاية التاريخ) .

والعقيدة الألفية الاسترجاعية في التراث المسيحي واليهودي مثل جيد على ذلك. فهي عقيدة فسرت بعض الإشارات العابرة التي وردت في العهد القديم تفسيراً حرفياً ومنحتها مركزية مطلقة. وقد حاولت الكاثوليكية واليهودية الحاخامية تهدئة النزعة المشيحانية عن طريق وضع بعض الحدود على مسألة حلول المركز في النموذج وحلول الإله في التاريخ وهو ما يؤدي إلى تصفية الثنائيات وظهور التفسيرات الحرفية المادية. ولذا، طرحت التفسيرات المجازية وأكدت ضرورة البُعد عن التفسيرات الحرفية. فصهيون بالنسبة للكاثوليكية واليهودية الحاخامية فكرة مثالية (مدينة الإله - أرض الماشيَّح) التي تتعلق بها الأفئدة والضمائر وتتطلع للعودة إليها في آخر الزمان خارج التاريخ بأمر الإله ولا علاقة لها بالمنطقة الجغرافية التي تُسمَّى فلسطين ولا بالزمان الإنساني، والشعب المختار جماعة من المؤمنين تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015