الأوكرانية من القوات البولندية والوكلاء اليهود. وحينما كتب شميلنكي رسالة إلى كرومويل، على أمل عقد تحالف بين القوتين الأرثوذكسية والبروتستانتية، فإنه لم يذكر اليهود بخير أو شر.

وحسبما جاء في المصادر اليهودية المعاصرة، فقد أُبيد نحو ثلث يهود أوكرانيا. ولكن المؤرخين يميلون الآن إلى القول بأن هذه الأرقام مُبالَغ فيها، كما يميلون إلى أن أعداداً كبيرة من اليهود فرَّت ثم عادت بعد أن هدأت الأحوال قليلاً. وربما يفسر هذا استمرار تزايد أعداد اليهود بعد الانتفاضة. ولكن أعضاء الجماعة اليهودية (أكبر جماعة يهودية في أوربا) الذين عادوا كانوا يشكلون جماعة مذعورة لا تحس بالطمأنينة الزائفة التي كانت تشعر بها قبل اندلاع الثورة، إذ تم تقويض روحها المعنوية، وفقدت الثقة في نفسها وفي وضعها، الأمر الذي جعل منها تربة خصبة للحركات الشبتانية والمشيحانية (ابتداءً من شبتاي تسفي وانتهاءً بالحسيدية) وجعلهما مادة خاماً مهيأة لأن تُنقَل إلى أي مكان حتى يمكنها الاستمرار في الاضطلاع بدورها كجماعة وسيطة (وهو الحل الذي طرحته الصهيونية ثم نفذته) .

وإذا نظرنا إلى انتفاضة شميلنكي من منظور التاريخ الإنساني العام فلابد أن تُصنَّف باعتبارها ثورة شعبية ضد شكل من أشكال الظلم لم تشهد له الإنسانية مثيلاً، فقائدها بطل شعبي نجح في تحرير شعبه، ولا شك في أن هذه الانتفاضة ارتكبت الكثير من أفعال القسوة التي لا يمكن إلا أن يدمغها الإنسان من الناحية الأخلاقية، مع علمنا تمام العلم بأن هذا هو جزء من نمط الثورات الشعبية السائد، إلا أن عدالة الانتفاضة وأخلاقيتها وبطولة قائدها هي أمور لا يتطرق إليها الشك. وهكذا يحتفل بها شعب أوكرانيا، ولهذا السبب يقيم التماثيل الضخمة لقائدها ومحرر البلاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015