وقد نجحت انتفاضة شميلنكي بسرعة خاطفة فوافقت بولندا عام 1649 على أن تتمتع عدة مقاطعات من أوكرانيا بالحكم الذاتي. ومع هذا فقد استمر الصراع العسكري بين بولندا والدولة الجديدة واستعان شميلنكي بالروس، فتقدمت القوات الروسية والقوزاقية، وتم ضم أوكرانيا وسمولنسك إلى روسيا عام 1667

وقد كانت انتفاضة شميلنكي في جوهرها شكلاً من أشكال الثورة الشعبية لا تختلف عن مثيلاتها من ثورات الفلاحين ضد الإقطاعيين ووكلائهم. وهي عادةً ثورات تأخذ في البداية شكل غضب شعبي عارم ورغبة شديدة في الانتقام، هو في جوهره رد فعل لا عقل له لعملية القمع القاسية اللاعقلانية التي كانت تُمارَس ضد الفلاحين. وعادةً ما ينضم الفلاحون إلى جيوش الثورة الشعبية التي لا تلتزم بقوانين الحرب المختلفة (الخاصة بالأسرى وغيرها) لجهلهم بها، بل إن الثورة الشعبية بأسرها في مراحلها الأولية تفتقر إلى البرنامج السياسي والرؤية. ولم تكن انتفاضة شميلنكي استثناءً من هذه القاعدة إذ اندلعت الثورة وعبَّر الفلاحون عن غضبهم بذبح كل من وجدوه في طريقهم ممثلاً لمؤسسة القمع: نبلاء بولنديين وقساوسة كاثوليك ووكلاء يهود. ولعل عملية الانتقام كانت أكثر سهولة ويسراً في حالة انتفاضة شميلنكي لأن العنصر المستغل (البولندي الكاثوليكي واليهودي اليديشي) .كان عنصراً استيطانياً غريباً من السهل التعرف عليه يعيش في الشتتلات. ومما يجدر ذكره أن انتفاضة شميلنكي لم تكن انتفاضة عنصرية موجهة ضد اليهود باعتبارهم يهوداً وإنما باعتبارهم ممثلين للإقطاع البولندي الاستيطاني. أي أنهم لم تكن لهم أية أهمية في حد ذاتهم، فقد كانوا مجرد أداة في يد أحد أطراف الصراع. ولذا فحينما كانت القوات البولندية تنتصر على المنتفضين كان هذا يعني عادةً عودة أعضاء الجماعات اليهودية إلى الشتتلات وكان يُنَص على هذا في الاتفاقيات المبرمة. وحينما كانت كفة المنتفضين ترجح كان أحد مطالبهم أن تُخلَى المدن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015