لكن لا القهر قادر على أن يؤدي إلى اندلاع الانتفاضة ولا الإغواء قادر على إطفائها. فهذه جميعاً عناصر مساعدة، إذ لابد أن تكون هناك عناصر إيجابية تحرك الفاعل الإنساني العربي، وفي تصوُّرنا أن العنصر الحاسم في هذا المجال هو تماسُك هوية الفلسطينيين وتجذُّرهم في تراثهم الحضاري والديني، فقد كان هذا هو المدد الذي لا ينفد، والذي جعل الفلسطينيين يدركون إمكاناتهم وعوامل الحياة والانطلاق داخلهم، وفي الوقت نفسه يدركون مدى تَخثُّر العدو وعوامل التآكل والموت داخله. لقد أدركوا الأزمة العقائدية التي كان يخوضها التجمُّع الصهيوني نتيجة تصاعد معدلات العلمنة فيه وتوجهه نحو قيم المنفعة واللذة. ولابد أنهم لاحظوا أن المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية غير قادرين على حمل السلاح، ولذا فهم يتحركون دائماً في حماية قوات "الدفاع" الإسرائيلية. ولابد أن أهل الضفة الغربية رأوا المنازل الفارهة التي تُشيَّد لهؤلاء "الرواد" الصهاينة الذين يتمسكون بجهاز التكييف وحمام السباحة أكثر من تَمسُّكهم بأرض الميعاد (أطلق على هذا النوع من الاستيطان "الاستيطان مكيف الهواء"، أما زئيف شيف المعلق العسكري الإسرائيلي فيسميه "الاستيطان دي لوكس") .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015