والشائع في النظريات المادية هو النظر إلى الطبيعة التي لم يخلقها الإنسان على أنها الأصل وإلى الثقافة على أنها الفرع أو الناتج، لكن ليفي شتراوس يقلب الآية ويرى الثقافة أصلاً والطبيعة) في حالة الإنسان بالذات) مشتقة منها. وإذا كان من الشائع أيضاً وصف الطبيعة الخام بأنها ثابتة والثقافة بأنها نسبية متغيِّرة، فإن ليفي شتراوس يؤكد أن الثقافة هي العنصر الثابت في تكوين الإنسان ومنها يستمد الإنسان ثبات طبيعته، فالإنسان يصنع طبيعته عن طريق ثقافته. فمنذ اللحظة التي يُحظَر فيها زواج المحارم، يظهر عنصر ثقافي في المجتمع الإنساني (وهو الحظر، أي التنظيم الاجتماعي، والقانون) يشكل الطبيعة متمثلة في غريزة الجنس ويتحكم فيها. ففي هذا الحظر وذلك التحريم، تتجاوز الطبيعة ذاتها وتبدأ في تكوين بناء جديد يحل فيه التنظيم المعقد المميِّز للإنسان محل العفوية والعشوائية المبسطة التي تميز بناء الحياة الحيوانية (فؤاد زكريا (.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015