ويمكننا الآن أن نحاول إصدار بعض التعميمات على تناول ماركس وإنجلز للمسألة اليهودية. ويمكننا أن نقول إنهما نتاج (أو سجينا) تجربتهما الغربية على وجه العموم والألمانية على وجه الخصوص، وهذا أمر طبيعي ومُتوقَّع. ويظهر هذا الجانب من فكرهما، أكثر ما يظهر، في فشلهما الكامل في التمييز بين اليهودية واليهود وفي تصوُّرهما أن النسق الديني اليهودي المتنوع هو نسق واحد له جوهر واحد، يُعبِّر عن نفسه من خلال اليهود، يظهر في عبارات مثل: «إله إسرائيل الطماع» ، و «جوهر اليهود هو كذا» ... إلخ. ولكن التناول العلمي لهذه القضية لابد أن يؤكد تنوُّع اليهودية بوصفها تركيباً جيولوجياً ويؤكد في الوقت نفسه عدم تجانُس الجماعات اليهودية المختلفة. ولابد أن هناك علاقة ما بين الأنساق العقائدية اليهودية المختلفة والجماعات اليهودية المختلفة، ولكنها على أية حال ليست علاقة عضوية سببية كاملة صلبة كما يتخيل ماركس وإنما علاقة تتسم بالسببية الفضفاضة وتختلف من بلد إلى آخر ومن مرحلة تاريخية إلى أخرى.