الجواني إلى إنسان آلي براني. وهذا يعني أن الجانب المعرفي يلتقي تماماً مع الجانب الاقتصادي الاجتماعي.
ولكن علاقة البورجوازية بالدين لا تقتصر على التقابل البنيوي وإنما ثمة علاقة سببية تاريخية. فالمجتمع البورجوازي لم يكن بوسعه التوصل إلى الانفصال التام عن مجرى الدولة (الواقعية الحقيقية، أي العقلانية، التي يُعبِّر الإنسان من خلالها عن جوهره) ، وإلى تمزيق جميع الروابط الاجتماعية للإنسان، وإلى إحلال النزعة الأنانية والحاجة الأنانية محلها، وإلى تفكيك عالم الناس إلى عالم أفراد ذريين بعضهم أعداء لبعض، لم يكن بوسع المجتمع البورجوازي التوصل إلى ذلك كله إلا في ظل المسيحية التي حولت جميع علاقات الإنسان (القومية والطبيعية والأخلاقية) من أشياء داخلية جوانية إلى علاقات خارجة عن الإنسان. وبهذه الطريقة، أي من خلال انتشار المثُل المسيحية، تمكَّن المجتمع المدني (البورجوازي) من أن يُمزِّق كل أواصر النوع الإنساني وأن يُحل الأنانية محل هذه الأواصر. ومن هنا يقول ماركس إن المجتمع المدني البورجوازي يبلغ اكتماله وذروته في العالم المسيحي.