والتعويضات تعني، في واقع الأمر، حصول إسرائيل (وبعض أعضاء الجماعات اليهودية) على مقابل مالي تعويضاً عن الآلام التي لحقت بهم. وهذا يخفف من البُعد الأخلاقي للقضية، إن لم يكن يلغيه. ففي موقف مماثل رفضت الصين أن تتقاضى تعويضات مالية من اليابان على جرائمها ضد الصينيين باعتبار أن قبول التعويضات فيه تنازل عن الحق الأدبي، وفيه تخلٍّ عن المنظور الأخلاقي (المطلق) حيث تتحول القضية إلى ما يشبه المقايضة.
ومن الواضح أن عملية توظيف الإبادة تتم من منظور نفعي مادي انتقائي محض، لا علاقة له بالقيم الأخلاقية. وفي هذا الإطار يثير بعض الدارسين قضية علاقة الدولة الصهيونية مع بعض الشخصيات والدول التي كانت لها علاقة بالنظام النازي. إذ لا تُمانع إسرائيل البتة في توثيق علاقتها مع بعض حكومات دول أمريكا اللاتينية التي تأوي مجرمي الحرب النازيين (الذين تزعم إسرائيل أنها تطاردهم في كل زمان ومكان!) مادام هذا يخدم مصلحتها. وقد تعاونت إسرائيل مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية التي كانت معروفة بتعاطفها الكامل مع النظام النازي. وقامت باستضافة رئيس وزراء جنوب أفريقيا السابق، بلثازا فورستر، وهو جنرال سابق في الحركة الوطنية في جنوب أفريقيا الموالية للنازيين والتي كانت تقاوم المجهود الحربي للحلفاء، وقد اعتُقل لمدة عشرين شهراً بسبب اشتراكه في المقاومة. ورغم مرور عشرات السنين إلا أنه لم يُنكر موقفه الموالي للنازية. وقد سمحت له الحكومة الصهيونية بوضع إكليل من الزهور على ياد فاشيم (النصب التذكاري) المقام لضحايا الإبادة النازية لليهود، الأمر الذي دفع جريدة الجيروساليم بوست (الصهيونية) إلى الاحتجاج وإلى الإشارة إلى الحقيقة البدهية التي أغفلتها إسرائيل وهي أن اليهود ينبغي عليهم ألا يرتبطوا بأحد المؤيدين السابقين للنازية.