هذه هي الإشكالية التي نبهنا لها ماكس فيبر وغيره من علماء الاجتماع والمفكرين الغربيين حينما بدأوا في إطلاق التحذيرات، منذ أواخر القرن التاسع عشر، من العلم المنفصل عن القيمة، وهي إشكالية تثيرها، وبحدة، الإبادة النازية لليهود والأطفال والمعوقين والعجزة والغجر، وكل من لا فائدة له، من المنظور النازي. والحوار الدائر في الغرب بشأن الإبادة يُركِّز على تفاصيل مثل عدد الضحايا وهل هم يهود فقط أو غيرهم (مما أسميه «لعبة الأرقام» ) ويهمل قضية إنسانية جوهرية مثل هذه تتجاوز حدود الإبادة النازية لتصل إلى مستوى المجتمع الحديث بأسره، ومستقبل الإنسان على هذه الأرض.