2 ـ ومع ظهور الأدب الروسي الحديث، ظل هذا النمط الإدراكي مسيطراً إلى حدٍّ بعيد. ومما زاده حدةً، ضم روسيا لبولندا ولملايين اليهود. والملاحَظ أن مطامح الأرستقراطية الروسية في السيطرة على الريف، والأحلام الرجعية الروسية المتصلة بقضية الشعب (نارود) كشعب عضوي راض بوضعه، متسم بالهدوء والاتزان، ارتطمت كلها بوجود اليهود كعنصر تجاري متحرك داخل الريف الروسي. وحيث إن كثيراً من الكُتَّاب الروس الأوائل كانوا من الأرستقراطية، فقد سادت الأنماط المعادية لليهود. ويتضح هذا في موقف أساطين الأدب الروسي، مثل: تورجنيف (1818 ـ 1883) وجوجول (1809 - 1852) بل تولستوي الذي كان يهاجم معاداة اليهود باعتبارها تتناقض مع ما ينادي به من ضرورة حب البشر، ولكنه كان في أماكن أخرى من كتاباته يُظهر موقفه الأرستقراطي الروسي المعادي لليهود. كما ظهر العداء لليهود في كتابات الأدباء النارودنيك مثل نيقولاي بيكراسوف (1841 ـ 1878) وفيودور ريشتنكوف (1841 ـ 1871) . وقد تم الهجوم على اليهودي باعتباره مستغلاً للجماهير المسحوقة.
ولعل تشيخوف (1860 ـ 1904) من الكُتَّاب الروس القلائل الذين تناولوا شخصية اليهودي تناولاً يتسم بشيء من التعاطف. أما في الأدب السوفيتي، فقد كانت صورة اليهودي إيجابية على وجه العموم (بما يتفق مع الخط الرسمي للحزب) ، ولا تثير أية مشاكل خاصة. (ومع هذا، صدرت كتيبات سوفيتية ذات طابع عرْقي واضح هي مجرد استمرار للموقف الروسي القديم. كما أن تصريحات بعض القادة السوفييت كانت تنحرف أحياناً عن خط الحزب وتُعبِّر عن الأنماط الإدراكية العرْقية القديمة. بل إن بعض سياسات السوفييت لا يمكن تفسيرها إلا باعتبار أنها سياسة معادية لليهود (.