واليهود ـ حسب رأي دوستويفسكي ـ يوجدون في كل مكان، فهم يوجدون داخل التشكيل الاستعماري الغربي ويهيمنون على الرأسمالية الغربية، وهم بطبيعة الحال موجودون في كل الحركات الاشتراكية والثورية والفوضوية والعدمية. وقد جعل اليهود همهم إفساد الشعب العضوي الروسي إذ كانوا يقومون ببيع الكحول لهم وبالشرب من عَرَقهم ودمهم. وحينما أُعتق الأقنان، انقض عليهم اليهود واستغلوهم واستفادوا من هفواتهم الإنسانية. وهم في استغلالهم للناس لا يتسمون بالرحمة، فاستغلالهم للأقنان لا يختلف كثيراً عن استغلالهم للزنوج في الولايات المتحدة بعد إعتاقهم.

ويرى دوستويفسكي أنه حتى لو أُعطيت لليهود حقوقهم كاملة، فإنهم لن يتنازلوا قط عن أن يكونوا دولة داخل دولة. وهم يفعلون ذلك لأن مصالحهم مستقلة عن مصالح المجتمعات التي يعيشون في كنفها. بل إنه يرى أن هناك مؤامرة يهودية عالمية عبر التاريخ لخدمة المصالح اليهودية المستقلة وللدفاع عنها. فهو يشير إلى دزرائيلي رئيس وزراء بريطانيا باعتبار أن دفاعه عن الدولة العثمانية ضد روسيا وهو تعبير آخر عن المؤامرة اليهودية الأزلية ضد روسيا وعن المصالح اليهودية المستقلة (وهذا يختلف تماماً عن موقف المدافعين عن فكرة المؤامرة عندنا إذ يرى هؤلاء أن اليهود هم المسئولون عن سقوط الدولة العثمانية دفاعاً عن المصالح اليهودية) . ويتجاهل دوستويفسكي حقيقة بسيطة واضحة وهي أن دزرائيلي كان يدافع عن الدولة العثمانية ضد روسيا لا حباً في الدولة العثمانية وإنما نكاية في روسيا وحتى تظل عنصر توازن معها، وتمنعها من التوسع، الأمر الذي قد يضر بالمصالح الإمبريالية البريطانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015