ولنبدأ دراستنا بمحاولة استخلاص رؤية دوستويفسكي لليهود كما وردت في يوميات كاتب. كان دوستويفسكي يشير إلى اليهود بكلمة «جيد Zhid» الروسية التي تحمل مضموناً قدحياً، ويرفض استخدام كلمة «يفري Yevrey» أي «عبري» التي تُعَدُّ أكثر حياداً. وكان يذهب إلى أن اليهود شعب واحد له تاريخ يمتد لأربعة آلاف عام، وهو شعب حيوي طاقته لا تنتهي نجح في الاحتفاظ ببقائه وتماسكه، ولذا كان يشير إليهم باعتبارهم «القبيلة اليهودية» التي يعيش أفرادها فيما يسميه «حالة الجيتو» ، يربطهم «ميثاق الجيتو» ، وهو ميثاق يطالبهم بعدم إظهار الرحمة نحو الغير وبالتعالي عليهم وبالعيش في عزلة عن كل الشعوب عبر آلاف السنين. ومن أهم عقائد هذا الشعب ـ حسب تصور دوستويفسكي ـ عقيدة الماشيَّح ذات المضمون القومي، وهي عقيدة تذهب إلى أن المسيح المخلِّص اليهودي سيعود ويقود شعبه إلى القدس مرة أخرى ويمنحهم إياها ويرمي جميع الشعوب تحت أقدامهم. وهذا الشعب اليهودي تحركه القسوة والرغبة في شرب الدماء، ولذا فهم يعملون بالتجارة، خصوصاً تجارة الذهب، ويديرون البورصات ويستغلون الطبقات الفقيرة، خصوصاً الأقنان. ويجأر اليهود بالشكوى من المعاناة التي يلاقونها في روسيا، ويدَّعون أنهم غير متساوين في الحقوق مع الروس، مع أن معاناة الأقنان الروس تفوق كثيراً معاناة اليهود.