ولكل هذا، كان الملك يبذل قصارى جهده ليمنع المرابين من اعتناق المسيحية إذ أن هذا يشكل إضعافاً وتبديداً للأداة التي يستخدمها. وكان المرابي الذي يَتنصَّر يفقد كل ثروته التي كانت تئول إلى العرش، لأنه لا يحق له أن يتمتع بثمرة الرذيلة (أو هكذا كان التبرير والادعاء) . كما كان الملك يمنع اليهود من العمل في أي وظيفة أخرى، وكانت المواثيق التي تُمنَح لهم تمنع المسيحيين من الاشتغال بالربا. وقد طُرد طبيب ألماني مسيحي من مدينته لأنه تعدى على الحقوق والاختصاصات التجارية والمالية لليهود بأن اسثمر أمواله في الربا من خلال صديق يهودي له. وكان الملك يلجأ عند عجزه عن تسديد ديونه، إلى منح المرابي اليهودي حق جَمْع الضرائب من الفلاحين. ولكنه كان يلقي بالمرابي اليهودي إلى الجماهير الغاضبة، كبشاً للفداء، إذا ما ثبت أنه يكلف أكثر مما يفيد. ولعل هذا هو السبب في أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يراكموا قط رأسمالاً كافياً ولم يتحولوا قط إلى طبقة حاكمة، بل كانوا يعملون دائماً من خلال السلطة الحاكمة وفي خدمتها.

ورغم أن المرابي اليهودي كان مجرد أداة، إلا أنه أصبح محط كراهية معظم أعضاء المجتمع وطبقاته، بما في ذلك المستفيدون منه. فقد كانوا يرون الربا شراً لابد منه، ولكنه شر أكيد، حيث تُعَدُّ كراهية المرابي أمراً متأصلاً في المجتمعات البشرية. وكان لفظ «سكتور sector» يُطلَق على كل من المرابي والقاتل في الإمبراطورية الرومانية. وربما يُعزَى توجيه تهمة الدم لليهود والقول بأنهم يطبخون عجين عيد الفصح بدم طفل مسيحي إلى اشتغالهم بمهنة الربا، فهم يمتصون دم ضحاياهم مجازاً. وليس من الصعب على الوجدان الشعبي أن يضع ما هو مجازي مقام الحقيقة الواقعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015