12 - البرُّ

لغة: يقال: بَّرحجُّه برا: قُبل، بر اليمين: صدقت، وَبرَّ والديه: وسَّع فى الإحسان إليهما ووصلهما، فهو بارُّ، والبِرُّ: الخير، والبِرُّ: اسم من أسماء الله تعالى. كما فى الوسيط (1).

واصطلاحا: اسم جامع للخيرات كلها، يراد به التخلق بالأخلاق الحسنة مع الناس، بالإحسان إليهم وصلتهم والصدق معهم، ومع الخالق بالتزام أمره واجتناب نهيه.

والبر يطلق ويراد به العمل الدائم الخالص من المآثم، ويقابله الفجور والإثم، وهو اسم جامع للشر.

وقد حثت الشريعة الإسلامية على الأمر بالبروالحضَّ عليه، فهو خلق جامع للخير، حاض على التزام الطاعة، واجتناب المعصية، قال تعالى: {ليس البرأن تولوا وجوهكم َقبِل المشرق والمغرب ولكن البرمن آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (البقرة 177).

وذكر القرطبى فى تفسيره: أن البر اسم جامع للخير، وتقدير الكلام، ولكن البِرُّ برُّ من آمن، وذلك أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر من مكة إلى المدينة وفرضت الفرائض وصرفت القبلة إلى الكعبة وحُدَّت الحدود نزلت هذه الآية فأفادت أن البر ليس كله بالصلاة، ولكن البر بالإيمان بالله إلى آخرها من صفات الخير الجامعة (2). وقوله: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (المائدة 2). قال الماوردى: ندب الله تعالى إلى التعاون على البر، وقرنه بالتقوى لأن فى التقوى رضا الله تعالى، وفى البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته، وأنشد أبو الحسن الهاشمى:

الناس كلهم عيال الله تحت ظلاله فأحبهم طُرَّا إليه أبرهم لعياله (3)

وفى الحديث الذى رواه النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البِر والإثم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (البرحسن الخلق، والإثم ما حاك فى صدرك وكَرِهْتِ أن يطلع عليه الناس) (رواه مسلم).

فالبر يكون بمعنى الصلة، وبمعنى اللطف، والمبرة، وحسن الصحبة، والعشرة، والطاعة. وهذه الأمور هى مجامع حسن الخلق (4).

والبر نوعان: صلة، ومعروف.

فأما الصلة فهي التبرع ببذل المال فى الجهات المحمودة لغير عوض مطلوب، وهذا يبعث عليه سماحة النفس وصفاؤها. ويمنع منه شحها وإباؤها قال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر 9).

وأما المعروف فيشمل نوعين: القول والعمل، فأما القول فهو طيب الكلام، وحسن البشْر، والتودد بجميل القول. وهذا يبعث عليه حسن الخلق ورقَّة الطبع، وأما العمل فهو بذل الجاه، والمساعدة بالنفس، والمعونة فى النائبة. وهذا يبعث- عليه حب الخير للناس، وإيثار الصلاح لهم (5).

ومن البر:

1 - بر الوالدين وطاعتهما وصلتهما وعدم عقوقهما والإحسان إليهما مع إرضائهما بفعل ما يريدانه ما لم يكن إثما لقوله تعالى: {وقضى ربك الا تعبدوا إلا إياه وبالوا لدين إحسانا} (لإسراء23). فقد أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقرونا بذلك، والقضاء بمعنى الأمر والإلزام والوجوب، ولقوله: {أن اشكر لى ولوالديك إلَى المصير} (لقمان 14) فقد قرن شكرهما بشكره: شكر الله على نعمة الإيمان، وشكر الوالدين على نعمة التربية. وعن ابن مسعود قال سألت النبى - صلى الله عليه وسلم -: (أى الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أى؟ قال: بر الوالدين، قال: ثم أى؟ قال: الجهاد فى سبيل الله) (رواه البخارى) فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التى هى أعظم دعائم الإسلام.

2 - بر الأيتام والمساكين والضعفاء، وذلك بالإحسان إليهم والقيام على حقوقهم وعدم

تضييعها لقوله - صلى الله عليه وسلم - (الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله .. )

(رواه مسلم - صلى الله عليه وسلم - ولقوله: (أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا وأشاربالسبابة والوسطى وفَرَّج بينهما) (رواه البخارى).

3 - بِرْ الأرحام وذلك بصلتهم، والإحسان إليهم، وتفقد أحوالهم، والقيام على حاجاتهم، ومواساتهم. فقد جعل الله تعالى قطع الأرحام من الفساد فى الأرض، ولعن من يقطع رحمه، فى قوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الارض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد 22 - 23).

4 - الحج المبرور، وهو الحج المقبول الذى لايخالطه إثم ولارياء لقوله - صلى الله عليه وسلم - (الحج المبرورليس له جزاء إلا الجنة) (رواه البخارى)

5 - بر اليمين، وهو أن يصدق فى يمينه، فيأتى بما حلف عليه قال تعالى:] ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا (النحل 91).

6 - البيع المبروروهو الذى لا غش فيه ولا خيانة.

(هيئة التحرير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015