5 - الإحسان

الإحسان لغة: فعل ما هوحسن، مع الإجادة فى الصنع (كما فى المعجم الوجيز).

شرعا: أن تعبد الله كاًنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.

فهوفعل ما ينبغى أن يفعل من الخير فضلا ومحبة، والأفضل أن يكون ذاتيا دائما دون نقص أو انقطاع، لأنه عمل بالفضائل، ولأنه قربة إلى الله تعالى (3).

وجاءت مادة "حسن" فى القرآن الكريم بجميع صيغها ما يقرب من مائة وخمس وتسعين مرة منها اثنتا عشرة مرة بلفظ "إحسان" وهذا دليل على أهمية هذا المقام فى الإسلام، حيث أمر به الله عزوجل فى مثل: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} النحل:90.

ويقوم الإسلام على ثلاثة أمور، هى: الإسلام والإيمان والإحسان. فالاحسان: جزء من عقيدة المسلم، كما دل عليه حديث جبريل وهو متفق عليه فقد سأل جبريل عليه السلام عن هذه الثلاثة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا جبريل أتاكم ليعلمكم أمر دينكم) فسمى الثلاثه دينا، وفى الإجابة عن الإحسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإحسان أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) رواه البخارى.

وأوضحت السنة النبوية أن الإحسان كالروح يجب أن يسرى فى كل أمور المسلم.

قال النبى صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شئ .. ) رواه مسلم.

والإحسان فى العبادات: يكون باستكمال شروطها وأركانها، واستيفاء سننها وآدابها مع استغراق المؤمن فى شعور قوى بأن الله عز وجل مراقبه حتى لكاًنه يراه تعالى ويشعر باًن الله تعالى مطلع عليه، كما جاء في حديث جبريل.

والإحسان فى باب المعاملات: يكون ببر الوالدين، من حيث طاعتهما، وإيصال الخير إليهما، وكف الأذى عنهما، والدعاء والاستغفار لهما، وإكرام صديقهما، وإنفاذ عهدهما.

قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} ثم ذكرت الاية ثمانية أصناف أخرى يجب لها الإحسان وهى {وبذى القربى واليتامى والمساكين والجارذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم} النساء:36 وكذلك ورد توجيه نبوى فى الاحسان إلى الخادم، وذلك بإعطائه أجره قبل آن يجف عرقه، وبعدم تكليفه ما لايطيق. فإن كان مقيما بالبيت فليأخذ حقه من الطعام والكساء، كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعام، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة اًو أكلتين، فإنه وَلِى علاجه) رواه البخارى.

والإحسان إلى الزوجة كذلك بعض ما أمر به الاسلام فى حسن معاملتها وإيفائها كافة حقوقها وحسن عشرتها، والاحتكام إلى أهلهما إن اختلفا، وعدم الاضرار بها بوجه من الوجوه كما ورد فما غيرآية من القرآن وفى قوله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم). وقوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله واًنا خيركم لأهلى).

وهكذا يتنوع الإحسان تبعا لأحوال الاخرين: فهو للأقرب ببرهم والرحمة بهم والعطف عليهم مع الأقوال والأفعال الطيبة.

ولليتامى: بصيانة حقوقهم، وتأديبهم، وتربيتهم، وعدم قهرهم.

وللمساكين: بسد جوعتهم، وستر عورتهم، والحث على إطعامهم، وإبعاد الأذى والسوء عنهم.

ولأبناء السبيل: بقضاء حاجتهم، وسد خلّتهم، وصيانة كرامتهم وبإرشادهم وهدايتهم.

ولعامة الناس: بالتلطف فى القول، والمجاملة فى المعاملة، مع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ورد حقوقهم، وكف الأذى عنهم.

والإحسان للحيوان: بإطعامه إذا جاع، ومداواته إذا مرض، والرفق به فى العمل، وإراحته من التعب.

ومن الإحسان: كثرة الجود ولا سيما فى رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وكما روى ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان اًجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل ... ) رواه مسلم.

والإحسان فى العمل إنما يكون بإجادته، وإتقان صنعته، مع البعد عن التزوير والغش، روى فى الحديث النبوى: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا اًن يتقنه) والإتقان إحسان الصنع.

أ. د/عبداللطيف محمد العبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015