اصطلاحاً: الدراسة المنهجية لموضوع معين بالاستناد إلى حقائق العلم وأساليبه.
ولا يقتصر معنى البحث العلمى كما هو شائع على البحث فى العلوم الطبيعية، وإنما يمتد مفهوم البحث العلمى ليشمل كل فروع الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وهكذا فإن الدراسة المنهجية لأدب من الآداب أو لحِقْبَة تاريخية أو لمنطقة جغرافية تمثل بحثًا علميًا، ومع هذا فإن الاستعمال الشائع فى الوطن العربى فى الفترة الحاضرة للمصطلح تكاد تقتصر على البحث العلمى فى مجال العلوم فحِسِب.
من أوليات البحث العلمى جمع المعلومات التى توّصَل إليها الآخرون الذين بحثوا أو كتبوا فى هذا الموضوع من قبل، ومن الواجب على الباحث أن يشير إلى رأيه الذى كونه بعد البحث فى هذه الكتابات، سواء اتفق أو اختلف مع ما سبقه إليه الآخرون، ويحسب على الباحث أن يتجاهل جهود من سبقوه ويسم هذا بحثه بالقصور، وقد شاع أن البحث العلمى لابد أن يؤدى إلى تحقيق اكتشافات جديدة فى مجال المعرفة العلمية،
أو ابتكار عمليات إنتاج أو منتجات جديدة، وهى فكرة صحيحة إلى حد كبير، لكنها لا تحقق بصورة تلقائية ولا نتيجة بحث واحد، وربما قاد البحث عن شيء إلى اكتشاف شيء آخر.
وللحضارة الإسلامية دور كبير فى تشجيع البحث العلمى، وقد بدأ كثير من روادها تطبيق مفاهيم التجريب منذ مرحلة مبكرة، وحققوا فى هذا المجال نجاحات مذكورة. ويفرق البعض بين البحوث الأساسية والبحوث التطبيقية، فالبحوث الأساسية أسمى غرضًا وأعمق تأثيرا، وتتولاها الجامعات ومؤسسات البحث العلمى، ونتائجها قليلة العدد لكنها خطيرة الأثر، ومن أملثتها البحوث التى أدت إلى تطوير استخدام الذرة ونواتها، أما البحوث التطبيقية فهى تلك التى تهدف إلى تحقيق هدف علمى صناعى أو إنتاجى كتطوير منتج أو جهاز أو طريقة، وأحيانا يطلق على هذه البحوث مصطلح البحوث التكنولوجية من باب التجاوز، ولا تخلو مؤسسة صناعية متقدمة من إدارة متميزة لهذه البحوث، لأنها هى الكفيلة بتجديد قدرة هذه المؤسسات على المنافسة بل والوجود، وتحاط هذه الأبحاث التطبيقية بالسرية التى تكفل رجوع العائد منها على المؤسسة لا على غيرها من المؤسسات المنافسة، وتحفظ القوانين المدنية للمؤسسات الإنتاجية حقوق الانتفاع بالاختراعات والاكتشافات التى تولت تمويل إنتاجها، ولعل أبرز نموذج شائع لهذه البحوث تلك، التى ترتبط باكتشاف عقارات طبية جديدة، أو تطوير الأجهزة.
أ. د/ محمد الجوادى