لغة: القرابة، ويختص بالقرابة من جهة الآباء كما فى مقاييس اللغة (1)
واصطلاحا: اتصال شخص بغيره، لانتهاء أحدهما فى الولادة إلى الآخر، أو لانتهائهما إلى ثالث على الوجه الشرعى (2).
ولقد حرص الإسلام على حفظ الأنساب عن الاختلاط، وجعله من مقاصد الشارع الضرورية ولهذا حرم الزنا، لما يترتب عليه من اختلاط، فقال تعالى: {ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل} الإسلراء:32، كما حرم انتساب المرء إلى غير أبيه سواء كان بالادعاء أو التبنى أو غيرهما، فقال سبحانه {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم} الأحزاب:4، وقال تعالى {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم} الأحزاب:5.
وروى عن سعد بن أبي وقاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) (رواه البخارى ومسلم عن سعد بن أبى وقاص) (3) ورورى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله فى شىء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجبا الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين) (رواه ابن حبان عن أبى هريرة) 0 (4).
ونظرا لاهتمام الإسلام بانتساب كل إنسان إلى من كان سببا فى وجوده، توسع فقهاء الإسلام فى أسباب ثبوت النسب، فذكروا أنه يثبت:
1 - بولادة الطفل على فراش الزوجية الصحيحة.
2 - الإقرار بالبنوة.
3 - الشهادة على ذلك.
4 - نكول المدعى عليه عن اليمين.
5 - اليمين المردودة على المدَّعِى عند نكول المدعى عليه.
6 - القيافة، وذ لك بتتبع العلامات الموجودة فى شخصين للوصول إلى إثبات القرابة بينهما.
7 - القرعة بين المتنازعين على نسبة مولود لهما عند تساوى بيناتهما بنسبته.
8 - يثبت بحكم القاضى إذا ثبت عند نسبة الولد إلى رجل بعينه.
9 - التحكيم عند اختلاف المدعين فى هذه النسبة.
وقد جعل الشارع الإنسان إلى من كان سببا فى ولادته من العدل، لذا يقول الحق سبحانه {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} وهو يدل على أن انتساب الإنسان إلى غير أبيه من الجور.
ولقد كان قدماء الرومان يجيزون للرجل الاعتراف بمن يشاء من أولاده، وإنكار من يشاء حسب رغبته، وكانوا هم والبيزنطيون والأقباط والروس ينكرون الولد وينفونه، إذا لم يعجبهم أو لا يشبه أفراد العائلة.
وكان قدماء الرومان واليونان يهدرون نسب المرآة بعد زواجها حيث تلحق بنسب عائلة زوجها، ومازال هذا معمولا به فى كثير من دول الغرب حتى الآن.
وقد ساد فى الجاهلية انتساب الإنسان إلى غير أبائه، وذلك بالتبنى أو الاستحاق أو الموالاة، فأبطل الإسلام ذلك كله وحرمه.
وحفظ النسب الذى رسمه الإسلام، يحقق الانتماء إلى الأسرة، والترابط بين أفرادها.
أ. د/عبد الفتاح محمود إدريس