لغة: اسم مفعول من التوليد، بمعنى إخراج شىء من شىء آخر أصلى، يقال: تولّد الشىء من الشىء أى خرج منه، وقيل: هو المحدث من كل شىء.
واصطلاحاً: هو من كان عربيا غير محض، والموَلّد من العبيد والجوارى هو من ولد بين العرب ونشأ مع أولادهم، يغذونه غذاء الولد، ويعلمونه من الأدب مثل ما يعلمون أولادهم.
وقيل: المولدون هم جماعة من العجم ولدوا ونشأوا ونموا فى بلاد العرب أو العكس. والمولد من الكلام: هو اللفظ العربى أصلاً أو تعريبا، والذى يستعمله الناس بعد عصر الرواية إلى ما قبل العصر الحديث.
وبذلك تستغرق فترة المولد من الألفاظ حوالى تسعة قرون، ثم تبدأ بعدها فترة الألفاظ المحدثة عند بداية عصر محمد على باشا فى مصر سنة 1805 م حيث انفتحت اللغة على علوم العصر فى أوروبا.
وقد ظهر هذا المصطلح مع الخلافة العباسية، إذ لم يكن انتقال الخلافة إلى العباسيين مجرد تغيير سياسى فقط، بل كان ثورة اجتماعية غيرت من صورة المجتمع العربى التى كان عليها أيام الأمويين إلى مجتمع إسلامى جديد تعيش فيه أمة إسلامية تضم عناصر بشرية جديدة ليست بعربية محضة، وقد استطاعت هذه العناصر أن تفرض نفوذها مما حدا بالجاحظ أن يصف الدولة الأموية بأنها عربية أعرابية، ويصف الدولة العباسية بأنها فارسية أعجمية.
فقد شاع الإقبال المتزايد على الزواج من الأعجميات، ولما كان الإسلام لا يسمح بالزواج من أكثر من أربع فقد انطلق المجتمع فى التسرّى وامتلأت القصور بالإماء والمولدين من أبنائهن، وقد صاحب ذلك الكثير من الظواهر الاجتماعية التى لم تكن مألوفة بين العرب، وانعكس كل ذلك فى الأدب كمرآة لتلك المرحلة، ونتاج لها.
كما شهدت الدولة العباسية أكبر نهضة ثقافية شهدتها الحضارة الإسلامية، وقد كانت الثقافة الفارسية من أهم الروافد التى غذت تلك النهضة، وكان من مظاهر التأثير الفارسى فى الثقافة الإسلامية تلك الألفاظ الفارسية التى استعارها العرب، وفى ازدهار حركة الترجمة، إضافة إلى هؤلاء الفرس الذين تعربوا، وهؤلاء العرب الذين أخذوا بحظ من الثقافة الفارسية، وقد ملأوا الدنيا علما وحكمة وشعرا ونثرا.
وقد رسم العلماء حدودا مكانية وزمانية للعرب الأصليين الذين عنهم تنقل اللغة، وقد توسعوا فى الحدود المكانية، كما توسعوا فى الحدود الزمانية حيث بدأوا بالأخذ فى حدود المائة الأولى، ثم ما لبثوا أن أخذوا عن مصادر المائة الثانية، ثم امتدت حدود الزمان إلى آخر المائة الثالثة، باعتبار أن كل ما جرت به ألسنة العرب فى هذه القرون الثلاثة هو ما يصح أن يعتبر عربية أصيلة، وكل ما جاء بعد ذلك اعتبر من لغة المولدين، سواء ما أبدعته قرائح الشعر أو ما أسفرت عنه محاولات المترجمين، فيعد إذا ما خالف نهج الفصحى مولّدا غير أصيل.
(هيئة التحرير)