لغة: كَهَنَ وكَهُنَ يَكهُنُ، يَكُهن كهانة، وتكهن تكهنا له: أى قضى له بالغيب وحدثه به.
وكهن كهانة: صار كاهنا، أو صارت الكهانة له طبيعة وغريزة ورجل كاهن من قوم كهنة وكهان: من يدعى معرفة الأسرار أو أحوال الغيب، وعند اليهود وعبدة الأوثان:
الذى يقدم الذبائح والقرابين، فقد ورد فى التوراة: " ... وتلبس هارون الثياب المقدسة وتمسحه وتقدسه ليكهن لى .... " (خروج 40:13).
وعند النصارى: من ارتقى إلى درجة الكهنوت.
ففى الإنجيل: " ... فنظر وقال لهم: أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة .... " (لوقا 17:14) واللفظ إما من كهن بالعبرانية، أو من كهنا بالسريانية.
والكهانة: حرفة الكاهن، وهو الذى يتعاطى الخبر عن الكائنات فى مستقبل
الزمان، ويدعى معرفة الأسرار.
الكهنوت: طبقة الكاهن أو رتبته. وسر الكهنوت: هو أحد أسرار الكنيسة المقدسة السبع، يتولى به الكاهن أن يقدس جسد المسيح، ودمه فى تلاوة القداس، وأن يحل من الخطايا.
كان فى العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما، فمنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب، يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأل، أو فعله، أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف.
والكاهن فى كلام العرب: هو الذى يقوم بأمر الرجل ويسعى فى حاجته، والقيام بأسبابه وأمر حزتته. والكاهنان: حيان، يقال لقريظة والنضير -وهم أهل كتاب وفهم وعلم- وهما قبيلتان يهوديتان كانتا تسكنان بالمدينة. والعرب تسمى كل من يتعاطى علما دقيقا كاهنا، ومنهم من كان يسمى المنجم والطبيب كاهنا.
ووردت كلمة: الكاهن فى القرآن الكريم مرتين، فى قوله تعالى: {فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون} الطور:29، أى لست بحمد الله بكاهن، كما تقول الجهلة من قريش. والكاهن الذى يأتيه الرئى من الجن بالكلمة يتلقاها من خبر السماء، كما يعتقد ذلك كثير من الناس. وفى قوله تعالى: {ولابقول كاهن قليلا ما تذكرون} الحاقة:42.
وكانت الكهانة فى العرب على ثلاثة أضرب:
الأول: يكون للإنسان ولى من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء، وهذا القسم بطل من حين بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم.
الثانى: أن يخبره بما يطرأ، أو يكون فى أقطار الأرض، وما خفى عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده، ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما (أى جعلاهما مستحيلين).
الثالث: المنجمون، وأغلبهم كاذب، ولذا شاع بين الناس هذا المثل: "كذب المنجمون حتى ولو صدقوا" وقد حرم الإسلام إتيان الكاهن لسؤاله عن الغيب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" (1).
أ. د/محمد شامة