لغة: الكافل: العائل والكافل الصائم بأمر اليتيم المربى له، وهو من الكفيل الضمين والكافل والكفيل: الضامن، وجمع الكافل: كفل، وجمع الكفيل: كفلاء وكفل المال وبالمال: ضَمِنَه. (1)
وشرعا: ضم الذمة إلى الذمة فى المطالبة. (2) والكفاله فى القانون المدنى: "عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفى بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه (3) مشروعيتها: الكفالة مشروعة بالكتاب والسنه والإجماع ففى الكتاب يقول الله تعالى: {قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتننى به إلا أن يخاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل}
(يوسف 66) وقوله تعالى: {أو لمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} (يوسف 72)
وفى السنة النبوية نجد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الزعيم غارم) (رواه أبو داود والترمذى وقال: حديث حسن وابن ماجه فى كتاب الصدقات باب الكفالة) وحديث سلمة ابن الأكوع أن رسول الله كل: (أتى برجل ليصلى عليه. فقال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم ديناران قال: هل ترك لهما وفاء؟ قالوا: لا، فتأخر فقيل: لم لا تصلى عليه؟ قال: ما تنفعه صلاتى وذمته مرهونة؟ إلا إن قام أحدكم فضمنه، فقام أبو قتادة فقال: هما على يا رسول الله، فصلى عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - (رواه البخارى وأحمد والنسائى).
أما الإجماع: فقد أجمع علماء الأمة على جوازها، ولا يزال المسلمون يكفل بعضهم بعضا من عصر النبوة إلى وقتنا هذا دون نكير من أحد من العلماء (4).
أنواعها: قسم المالكية الكفالة إلى نوعين: الأول: كفاله الوجه أو كفالة البدن، وعزفوها بقولهم: بالتزام رشيد الإتيان بالغريم عند حلول الأجل" (هـ) ويكون فى الغرامات المالية.
الثانى: كفالة الطلب، وعزفه المالكية بقولهم: "التزام طلب الغريم إحضار المكفول والتفتيش عليه إن تغيب، ثم يدل عليه رب الحق "وهذا النوع يكون فى غير الحقوق المالية أى الحقوق البدنية القصاص والتعازير والحدود بخلاف ضمان الوجه، الذى لا يكون إلا فى الحقوق المالية وعرّفه البهوتى من الحنابلة بأنه (التزام رشيد إحضار من عليه حق مالى لريه) 0 (6)
أركان الكفالة:
للكفالة أركان منها:
1 - الصيغة، يشترط أن تكون صيغه الكفالة بما يدل على الالتزام بأن يقول الكفيل: أنا كفيل، أو ضامن، أو زعيم، أو غريم، أو حميل، أو قبيل، واختلف الفقهاء فى تعليق الصيغة بوقت أو غيره.
2 - الكفيل: ويشترط فى الكفيل أهلية التبرع، لأن الكفالة تبرع محض لا مصلحة فيها للكفيل، حتى إذا كانت عقد معاوضة انتهاء، فهذا يعنى أنها تنتهى بقرض، والقرض عقد إرفاق لا مصلحه فيه للمقرض؟ لذلك لا تصح من الصبى والعبد المحجور علّيه، وكذا لا تصح كفالة المكاتب (7).
3 - المكفول له: وهو المستحق للدين واختلف الفقهاء فى رضا المكفول له إلا أنه بالرجوع إلى حديث سلمة بن الأكوع نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أقرّ كفالة أبى قتادة دون رضا المضمون له.
هل تجوزالكفالة فى الحدود؟
فى ذلك ثلاثة أقوال: الأول: لا يجوز ذلك مطلقا قال به ابن قدامة وهو قول أكثر أهل العلم.
الثانى: قول المالكية يجوز مطلقا ويسمونه كفالة المطالبة قال فى الشرح الصغير: "ولذا
يصح ضمان الطلب فى غير المال من الحقوق البدنية كالقصاص والتعازير والحدود ولكنه إذا لم يحضره يعاقب فقط أو يقدم الديه " (8) الثالث: قول الشافعية ومحمد بن الحسن لا تصح فى الحدود لما فيه حق الله عزوجل، وتصح فى الحدود لحق الآدمى فالأول كحد الزنى، والسرقة، والثانى: كحد اللعان والقذف (9)
ما يترتب على الكفالة: إذا تعذر على الكفيل: إحضار المكفول مع حياته، أو امتنع من إحضاره لزم ما عليه عند المالكية والحنابلة فى الدين؟ لأن الكفالة وثيقة بالحق. فإذا تعذر الحق من جهة مَنْ عليه الدين استوفى من الوثيقة، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الزعيم غارم). وقال الحنفية والشافعية لا يلزم لأنه تكفل ببدنه لا بدينه، فلم يلزمه ما عليه، وفارق الرهن؟ لأنه تعلق بالدين (10).ولعل الصواب الأول لما فيه من المحافظة على الحقوق، ولأنه إنما تكفل بإحضاره
لتسديد ما عليه.
(هيئة التحرير)
1 - المعجم الوسيط ط مجمع اللغة العربية مادة (ك ف ل) (2/ 824) القاهرة 1985م
2 - البحر الرائق: 6/ 321.
3 - الوسيط شرح القانون المدنى: د/ عبد الرازق السنهورى (10/ 18 - 19)
4 - فقه السنة. السيد سابق (194)
5 - الشرح الصغير: لأحمد الدرد ير (1/ 163).
6 - الروض المريع شرح زاد المستقنع ابن قاسم النجدى (ص96).
7 - تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقندى، تحقيق د/ محمد زكى عبد البرط جامعة دمشق سنة 1959 طبعة اولى (3/ 398 وما بعدها).
8 - الشرح الصغير: (1/ 164)
9 - المجموع شرح المهذب: النووى - دار الفكر بيروت (13/ 458).
10 - السابق (13/ 489).