لغة: وردت مادة (كرِم) فى لسان العرب بعدة معان:
(ا) خوف التقدم- تقول كَرِمَ الرجل كرما فهو كريم إذا هاب التقدم.
(ب) على الاكثار من الطعام حتى ما يشتهى أن يعاد إليه، تقول: أكرمت عن الطعام وأقهمت، وأزهمت إذا أكثرت منه حتى لا تشتهى أن تعود إليه.
(ج) القصر فى الأطراف والأعضاء- كقصر فى الأنف قبيح، وقصر فى الأصابع شديد، والكرم فى الأذن والأنف والشفة واللحى واليد والفم والقدم: القصر والتقلص، والعرب تقول للرجل البخيل أكرم اليد.
(د) السكوت عن الكلام تقول: كرم فلان إذ ضم فاه وسكت، فإذا ضم فاه عن الطعام تقول: أزم يأزم، فالكرم يطلق على السكوت عن الكلام خاصه إذا كان الكلام فى الخير (1)
واصطلاحا: سخاء النفس وجودها، وهو كجميع الخلق الإسلامية- وسط بين رذيلتين: البخل والتبذير
والكرم سجيه أصيلة عند العرب جاء الإسلام فنمَّاها وأصلها وزكاها وثّبتها فى نفوس أبناء أمته. والذى مكّن هذه السجية الشاهقة فى نفوس الجاهليين ما يلى:
(أ) قسوة الطبيعة التى عاشها العربى وعايشها.
(ب) عسر وسائل الاتصال بالجزيرة آنذاك (ب) آثار الحروب الدائرة الرحى بين قبائلها المتناثرة.
(د) كرههم الشح، وذمهم البخلاء، يقول قائلهم:
وكل كريم يتقى الذم بالقرى وللحق بين الصالحين طريق لعمرك ما ضاقت بلاد بأرضها ولكن أخلاق الرجال تضيق
(هـ) تلذذهم بعمل الجود ذاته لا للثناء عليه، وذاك هو منطقهم:
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذى أنت سائله
ويتجلى الكرم فى الإسلام فيما يلى:
1 - أن تجود النفس بالثمين المحبب إليها: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} (البقرة 267) ويقول تعالى {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.} (آل عمران 92)
2 - أن الكرم فى الإسلام ليس مقتصرا على حالة اليسر فقط، ولا على الأغنياء وحدهم بل هو سجية المسلمين جميعا، تتضح معالمه وتبدو قيمته فى حاله العسر، وحين تمتد يد الفقراء به قال تعالى {والذين تبوءُ وا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (الحشر 9).
ويقول قائلنا: ليس العطاء من الفضول سماحه حتى تجود وما لديك قليل
3 - ألا يمن الغنى على الفقير بما أعطاه فذكر العطاء أو المن به أو تفخمه مبطل له، قال تعالى] يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم والآخر. [.، (البقرة 264).
4 - عدم المباهاة بالعطاء، أو الافتخار به فللعطاء فى الإسلام ثلاث خصال: تعجيله وتيسيره وستره، وقد عدَّ رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من السبعة الذين سيكونون فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، قوله: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.
5 - ألا ينتظر الشكر عليه من المعطى له، فلا يكون الكريم كريما حتى تجود نفسه ابتغاء مرضاة الله وحده.
6 - أن تجود النفس بالعطاء عن رضا وعن حب فمن حبس عن الضيف عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
أ. د/ عبد السلام محمد عبده
1 - لسان العرب لابن منظور مادة (كرم) 5/ 3869 - 3870