لغة: صلة اجتماعية عاطفية تنشأ من الاشتراك فى الوطن والجنس واللغة والمنافع وقد تنتهى بالتضامن والتعاون إلى الوحدة، كالقومية العربية (محدثة) (1)
واصطلاحا: لا يختلف المعنى الاصطلاحى عن المعنى اللغوى، فقد قيل هى فكرة سياسية اجتماعية بالمعنى الواسع، ترمى بالدرجة الأولى إلى توحيد كل جماعة متجانسة من البشر، وخضوعها لنظام سياسى واحد. (2)
والقومية شعور أفراد الشعب بانتمائهم لأمة واحدة، وهو شعور ينبع من الإحساس بالولاء، والاعتزاز بالثقافة والتاريخ القومى، ويمثل ذلك فى الحياة السياسية اقتناع الحكومات بأنها يجب أن تقام على أساس مجموعة من الأفراد يطلق عليهم الشعب، وينادى المؤمنون بالقوميات بأن يكون لكل قومية وطن مستقل بها، كما يكافح زعماء القوميات من أجل أن يكون لشعبهم الحق فى الاستقلال وتقرير المصير.
وتقترن القومية فى أذهان كثير من الناس بالعنصرية، وذلك لأن بعض دعاة فكرة القومية- فى أوروبا خاصة- كانوا يقيمونها على أساس الانتساب إلى عنصر معين، وقامت بحوت ونظريات على أساس تقسيم العالم إلى أجناس وعناصر متباينة، وقد غالى بعضهم فزعم وجود شعوب نقية ذات دماء طاهرة، وشعوب أخرى مختلفة ذات دماء ملوثة، وأدى ذلك إلى الاستعلاء القومى والتعصب العنصرى، وقاد إلى كثير من الهراء الذى يناقض الحقائق العلمية الثابتة فى الاجتماع الإنسانى مما لا يمكن أن يقف أمام النقد العلمى الصحيح.
القومية والقوم:
ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة المزج بين لفظ قوم ومصطلح قومية، أو بعبارة أدق: إن التداعى الذهنى المتحصل من مصطلح قومية يريطه بلفظ قوم، والحقيقة أن لفظ القومية مصطلح حديث نشأ منذ أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وذلك فى أوروبا، أما لفظ "قوم " فهو عريق جدا منذ عصر المصريين القدماء، والآشوريين، والفينيقيين، والإغريق، والرومان، وهؤلاء أقوام أقاموا دولا مختلفة على سطح المعمورة منذ آلاف السنين.
القومية الوطنية:
وهناك خلط آخر بين مصطلحى القومية والوطنية، حيث يلتبس الأمر بين المصطلحين، ويستعملان تجاوزا كمترادفين، رغم أن بينهما اختلافا، فالوطنية تعنى الانتساب إلى وطن معين، وهى قد تعنى الاهتمام بشئون ذلك الوطن والتعلق به بالعواطف والأحاسيس باعتباره أرض الأجداد. أما القومية فهى أوسع من الوطنية ففيها من الشمول والتجريد والعقائدية ما ليس فى الوطنية، ثم إنها قد تكون مجردة عن الوطن كما هو الحال بالنسبة للصهاينة قبل أن يقيموا وطنًا لهم فى إسرائيل، وقد تشمل أوطانا مختلفة. ولقد أذاب الإسلام القوميات، ولم يعد لنعرة القومية مكان فى ظل الانتساب إلى الإسلام، حتى إننا نرى شعوب العالم فتحت أحضانها لحملة التوحيد النقى والأخوة الجامعة تحت مبدأ: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم) ولم تفتح أحضانها لنعرة جنسية، أو عزوة أموية، أو عباسية، أو أعراف بدوية وأوهام صحراوية. فالإسلام لم يكن فورة جنسية أو نزعة استقلالية، إنه دين للإنسانية عامة يعلو على الأقوام والأوطان، يربط الناس بربهم ليشهدوا به وحده ويستلهموا منه وحده، وليكونوا فى قارات الدنيا كلّها سواسية فى الكرامة والولاء، فلا سجود إلا لله، ولا حكم إلا لله. وحسبنا قول سلمان الفارسى عندما وجد أناسا يفتخرون بنسبهم إلى قيس أو تميم قال لهم: أبى الإسلام لا أب لى سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم.
(هيئة التحرير)
1 - المعجم الوسيط مادة (قو م) ط مجمع البحوث القاهرة 1985 2/ 789
2 - من وحى العروبة. عبد الرحمن البزاز ص70