لغة: جمعه صحب وأصحاب وصحابة، والأصل فى هذا الإطلاق لمن حصل له رؤية ومجالسه (لسان العرب) (1).
واصطلاحا: عند جمهور الأصوليين (2): هو من لقى الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ولازمه زمنا طويلا، ومات على إسلامه.
وعند جمهور المحدثين: هو من لقى الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على إسلامه، سواء طالت صحبته أولم تطل.
وقول الصحابى اصطلاحا: هو مذهبه فى المسألة الفقهية الاجتهادية (2)،
سواء أكان ما نقل عن الصحابى قولا أم فعلا.
وأعلم أن الصحابه رضى الله عنهم كانوا مرجع الافتاء ومنبع الاجتهاد حينما طرأت حوادث جديدة، ووقعت وقائع لا عهد للمسلمين بها فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا فى الافتاء متفاوتين بتفاوت نضجهم الفقهى، فأثر عن جملة منهم كثير من الفتاوى بحيث يكون جزءا كبيرا منثورا فى بطون الكتب الفقهية.
وقد اتفقت الأئمة من أصحاب المذاهب الفقهية على أنه لا خلاف فى الأخذ بقول الصحابى فيما لا مجال للرأى والاجتهاد فيه، لأنه من قبيل الخبر التوقيفى عن صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، ولاخلاف أيضا فيما أجمع عليه الصحابة صراحة أو كان مما لايعرف له مخالف، كما فى توريث الجدات السدس.
ولا خلاف أيضا فى أن قول الصحابى المقول باجتهاد ليس بحجة على صحابى آخر، لأن الصحابة اختلفوا فى كثير من المسائل، ولو كان قول أحدهما حجة على غيره لما وقع منهم هذا الخلاف.
وإنما الخلاف فى فتوى الصحابى بالاجتهاد المحض بالنسبة إلى التابعى ومن بعده، هل يعتبرحجة شرعية أم لا؟
فذهب جمهور العلماء من الحنفيه والمالكية وبعض الشافعية والحنابلة على أنه حجة شرعية مقدمة على القياس، والراجح من الشافعية على أنه ليس بحجة، وهناك أقوال أخري لكنها ترجع إلى هذين القولين.
والراجح أن مذهب الصحابى ليس حجة، ولا يكون دليلا شرعيا مستقلا فيما يكون بالاجتهاد المحض، لان المجتهد يجوز عليه الخطأ، ولم يثبت أن الصحابة ألزموا غيرهم بأقوالهم، فمرتبة الصحبة وإن كانت شرفا عظيما لا تجعل صاحبها معصوما عن الخطأ (4).
أ. د/على جمعة محمد