اصطلاحا: عند الصوفية " الإنسان الكامل " أو " الحقيقة المحمدية"- والإنسان الكامل هو "القطب الحسى" كما أن "الحقيقة المحمدية" هى "القطب المعنوى"، ويرى "محيى الدين بن عربى": أن "الحقيقة المحمدية"- أى روح محمد - صلى الله عليه وسلم - - هى التى تنقل العلم الإلهى لكل الأنبياء والأولياء- وهى تتجلى بأكمل صورة فى "القطب "- وهو معصوم، ولكل زمان قطب، وهو الخليفة الحقيقى لله- ويسمى "قطب الوقت " أو "صاحب الوقت " أو "صاحب الزمان" وهو "الغوث " الذى يوجد بفضل "قطب الأقطاب ". ويرى "الحكيم الترمذى" أن القطب هو شيخ جماعة من الأتقياء لهم نظام متدرج، وكل مرتبة من مراتب هذا النظام يرأسها قطب، والمريدون يتلقون العلم من هؤلاء الأقطاب الذين يتلقون علمهم من "القطب الأكبر"- وهذا المفهوم للقطب أصبح جزءا من التيار الرئيسى للفكر الصوفى.
وللقطب مفهوم آخر نجده عند "عمر بن الفارض "؛ فهو "المبدأ الفعال لكل إلهام "- وهو يشبه ما تعتقده "الشيعة الإسماعيلية" من تجسيد العقل الأول فى "الناطق " (أى الإمام) - وهناك من يقارن بين ما يراه الشيعة فى "الإمام " بوصفه مظهرا للكلمة الإلهية، ومفهوم "القطب " عند الصوفية- كما أن هناك من يقارن بين التدرج الرئاسى للدعاة الإسماعيلية، والتدرج الرئاسى فى التصوف برئاسة القطب؛ حتى ذهب البعض إلى أن التدرج فى نظام القطب عند الصوفية مقتبس من الشيعة الإسماعيلية. ويصرح بعض علماء الشيعة بأن "القطب "والإمام "مصطلحان لهما نفس المعنى، بل ينطبقان على نفس الشخص. وقد ينسب إلى "القطب " ظهور كرامات على يديه تناسب المقام الذى بلغه وقد هاجم "ابن خلدون " هذا النظام كما هاجمه الذين يرون أن التصوف دخيل على الإسلام- ولا يزال هناك من يدعى أو يُدّعَى له أنه قطب من الأقطاب، ويطلق لقب " الأقطاب الأربعة" على: "عبد القادر الجيلانى" وأحمد البدوى" وأحمد الرفاعى" وإبراهيم الدسوقى". وقد يسمى القطب "غوثا" باعتبار التجاء الملهوف إليه، ويرى بعض الصوفية أنه "هو الواحد الذى هو موضع نظر الله فى كل زمان، أعطاه الله الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسرى فى الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح فى الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، وبه يتبع علمه علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات غير المجعولة؛ فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل- أما " اليقظة الكبرى" فهى مرتبة "قطب الأقطاب "، وهو باطن نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون إلا لورثته؛ فلا يكون خاتم الولاية وقطب الأقطاب إلا على باطن "خاتم النبوة"- ويلاحظ الاتجاه الشيعى فىهذا المفهوم.
أ. د/ صفوت حامد مبارك