اصطلاحاً: هو أحد ضوابط سلوك الإنسان فى حياته، وهو مع قواعد الدين والأخلاق يمثل منظومة لتحديد الحقوق وبيان الواجبات. لذا من المستقر عليه أن القانون يتكون من مجموعة من القواعد العامة المجردة التى تنظم العلاقات الاجتماعية، ولكنه يختلف عن القواعد الأخرى فى أنه ملزم أى يتعين على الأفراد أن ينفذوه، كذلك فإن الدولة تكفل هذا التنفيذ عن طريق جزاءات تفرضها على المخالف.
من هنا نجد أن القانون يتمثل فى قواعد ومبادئ، ومن صفات القاعدة: العموم والتجريد، بمعنى أنها تطبق على كل أفراد الجماعة دون تمييز بين فرد وآخر، كما تطبق على كافه الحالات التى تستدعى لحكمها دون فارق بين حالة وحالة أخرى.
والقانون يرتبط بالمجتمع، بل يرتبط بالسلوك الخارجى للفرد فى الجماعة، ولا يحاسب القانون على مشاعر كامنة فى النفس مهما كانت منحطة وإنما يحاسب على ما يخرج عن الإنسان من أعمال. لذا هو ينظم العلاقات الإجتماعية، ويضبط سلوك الإنسان فى علاقته بالآخرين حتى لا يعتدى أحد على أحد، ولا يظلم أحد أحداً.
ومن الملاحظ هنا أن دائرة ما ينظمه القانون من علاقات تضيق وتتسع وفقا لظروف الزمان والمكان، مع تطور ما يقدم بين الناس من علاقات. لم تعد دائرة العلاقات الإجتماعية كما كانت من قبل تقتصر على عمليات بيع وشراء محدودة وإنما اتسعت الدائرة، وصار الإنسان يمارس تصرفات يوميه، مع وسائل للنقل، ومع مصانع ومتاجر ضخمة ومع أناس من أجناس وجنسيات مختلفة، والقانون يحيط بكل هذه التصرفات ولحكمها مُطوراً لأساليب وتنظيمات تتفق معها. ومن ثم فهناك قانون للعلاقات الخارجية للدول، هو القانون الدولى- كان ينظم سلوك الحكام والملوك أساسا بقواعد تراعى أهميتهم عندما يتعاملون مع غيرهم ولكنه اتسع الآن لينظم البحار والمحيطات والفضاء والأجرام السماوية، وينظم كذلك قواعد المسئولية التى تتحملها الدول من جراء أى أفعال أخرى تصيب بها الغير. كذلك وجدت أجهزة ومنظمات دوليه تختص بتطبيق هذا القانون كالأمم المتحدة وما بها من جهاز تتفيذى هو مجلس الأمن، وجهاز تشريعى هو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وجهاز قضائى هو محكمه العدل الدولية. أما ما يحكم العلاقات الداخلية للأفراد، فهو كمٌّ متنوع من القوانين يقف على رأسها القانون المدنى وهو الذى يحكم الفرد ويبين حقوقه وواجباته. نجد فى داخل هذا القانون تنظيماً للملكية، كيف تكتسب وما حقوق الفرد عليها، وكيفية التصرف فيها. ونجده يحكم مختلف العقود التى تتم بين الأشخاص كعقود العمل والإيجار والتأمين والبيع. وهناك القانون التجارى الذى يحكم علاقات التجار، وقواعد التجارة الداخلية والخارجية والأوراق التجارية والبنوك، إلى غير ذلك من أحكام. كما أن من فروع القانون كذلك ما يحكم علاقات الدولة كسلطة ذات سيادة بالأفراد، كالقانون الدستورى والقانون الإدارى والقانون الجنائى، والقانون المالى، وكل هذه الفروع يطلق عليها القانون العام، فى مقابل القانون الخاص والذى يدخل فى دائرته القانون المدنى والتجارى، والقوانين التى تنظم الأحوال الشخصية إلى غيرها.
وأهم صفه تميز القانون عن قواعد السلوك الأخرى كالعادة والأخلاق هى صفة الإلزام المقررة للقواعد والتى تكفلها الدولة بتوقيع جزاء مادى على من يخالف القاعدة. وهذا الجزاء يختلف باختلاف القاعدة التى تخالَف وتتدرج من عقوبة الإعدام التى تفرض على من يقتل نفسا إلى عقوبات المخالفة والتى تفرض غرامة مالية على المخالف. كذلك توجد جزاءات على من يخالف قواعد القانون الإدارى كالفصل من خدمة الحكومة أو الخصم من المرتب.
ويهمنا أن نشير هنا إلى أن الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامى قد تكفلا بالمهمة التى يقوم بها القانون فى النظم الحديثة. ويعالج الفقه الإسلامى كل أنواع البيوع التى عرفت بعد ذلك، كما يعالج العقود الأخرى بتفاصيل واسعة ولا يهمل الفقهاء التعرض لقواعد الملكية والعمل، وإنما يستعمل فقهاء الشريعة مصطلحات أخرى. فعلم السياسة الشرعية يتضمن كافة القواعد والنظم الخاصة بنظام الحكم- أى القواعد الدستورية والإدارية- كما أن الفقه يعالج القانون الجنائى فى فقه عميق يتصل بدراسة الحدود والتعازير. وهناك دراسات وافية عن مصادر إيرادات الدولة وقواعد إنفاقها أى القانون المالى، وهكذا نجد الإسلام عقيدة وشريعة.
ويستخدم مصطلح "القانون الإسلامى" فى الوقت الحاضر ليشمل التنظيمات التى يضعها الإسلام والفقه على الخصوص للمعاملات خاصة فى الأكاديميات والكليات والأماكن التى تدرس الشريعة فى العديد من البلاد الغربية.
أ. د/ جعفر عبد السلام