اصطلاحا: هو العام التاسع أو العاشر الهجرى، على اختلاف فى تحديده، لأن العامين قد شهدا وفود القبائل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كانت فى الأول أكثر منها فى الثانى (1).
والحق أن حركة الوفود كانت سابقة على عام الوفود، فلم يكن العام التاسع الهجرى هو الذى بدأت فيه الوفود انطلاقها إلى المدينة، وإنما كان بداية ذلك إثر صلح الحديبية، حيث انطلقت إلى النبى صلى الله عليه وسلم وفود دوس ومزينة وبنى سعد، وإنما عُدّ العام التاسع أو العاشر الهجرى باعتبار الكثرة.
وقد بلغت هذه الوفود واحدا وثلاثين، أقبلت إلى المدينة تخطب ود النبى صلى الله عليه وسلم وتعلن إسلامها بين يديه، ومن الأسباب التى من أجلها توافدت تلك الوفود إلى المدينة المنورة، وكثرث فى العامين المذكورين؛ أن قريشا قد أسلمت فور فتح مكة، وتحطمت الأصنام القائمة حول الكعبة، وتلتها ثقيف، وبات العرب أمام أمرين للعناد؛ إما أن يهجروا البيت الحرام فلا يحجون إليه ولا يعتمرون، وهو ما لا قدرة لهم عليه، وإما أن يواصلوا الحرب، وهو ما لا رغبة لهم فيه، خاصة وأن الجيش الإسلامى عاد من تبوك بعد إرهاب أقوى دول الأرض، وهى الروم، والقبائل المنتصرة على تخوم الشام.
وإن تعجب فعجب أن القبائل الآن تحج إلى النبى صلى الله عليه وسلم طالبة رضاه، معلنة اعتناقها لدينه، وقد كان يأتيها قبل هجرته فى مواسم الحج والعمرة يدعوها إلى دينه فتأبى، ويطلب منها الحماية حتى يبلغ آمنا رسالة ربه فترفض (2).
وعلى كل حال فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يستمع لكل وفد ويجيبه إلى ما يريده فى إطار الشرع:
ساًله ممثلو ثقيفه ألا يعشروا، ولا يحشروا، ولا يولى عليهم غيرهم، وأن ترفع الصلاة عنهم، ولا يهدم صنمهم إلا بعد ثلاث سنين، فأجابهم إلى الثلاثة الأولى دون الرابع والخامس (3).
ومن الوفود من كان يتجاوز حدوده، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل معه بما يردعه وينهنه من غروره.
أ. د/عبدالعزيز غنيم عبدالقادر