لغة: جمع صفة، وهى الاسم الدال على بعض أحوال الذات وذلك نحو طويل وقصير وعاقل وأحمق وغيرها.
واصطلاحا: الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذى يعرف بها.
والمصدر الأول لأسماء الله وصفاته هو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} الأعراف:180.
ومشكلة الأسماء والصفات تحتل مركزا وثقلا كبيرين فى مؤلفات الفلاسفة والمتكلمين المسلمين.
ويندرج تناول مشكلة صفات الله عز وجل تحت باب التوحيد خاصة عند المعتزلة والأشاعرة ومن تابعهم من الفلاسفة المسلمين.
ويقسم المعتزلة الصفات المنسوبة لله تعالى إلى قسمين:
أحدهما: صفات الذات، وتعرف بأنها الصفات التى لا تنفك عنها الذات وهى خمس صفات: الوجود والحياة والقدرة والعلم والإرادة
والثانى: صفاته الأفعال وهى كل ما تعلق بالجوارح أو الحواس التى لا تنسب إلى الله عز وجل إلا على سبيل المجاز.
أما بالنسبة للإنسان فهى تكون على وجه الحقيقة ولا يجوز وصفه تعالى بعكس صفات الذات ولا صفات الأفعال التى تليق بذاته، أما صفات الأفعال الأخرى فيمكن وصفه تعالى بأضدادها مثل المحيى والمميت، والرحيم والمنتقم، والعاطى والمانع أما صفة العدل فلا يجوز وصفه تعالى بأضدادها، وكذلك صفة الكمال والجمال والإحسان وما إلى ذلك مما لا يتصور ضدها فيه تعالى.
لم ينكرأحد المسلمين ثبوت صفات الجلال لله عز وجل، وإنما وقع الخلاف فى كيفية نسبتها إلى ذاته بحيث لا توحى بالتعدد أو التغير فى ذاته تعالى.
وقد حرصت المعتزلة على عدم إشراك أى مع الله فى صفة القدم ونتج عن ذلك تقارب فى الآراء بين المعتزلة أنفسهم وبينهم وبين الفرق الأخرى من جانبه آخر. وعرف فى هذا المجال ما يسمى بنظرية المعانى التى قال بها معمر بن عياد السلمى (320هـ) وأبو على الجبائى (303هـ-924م) وأخد بها الأشاعرة. كما عرفت نظرية الأحوال التى قال بها أبو هاشم عبد السلام الجبائى (321هـ-941م). ومضمون نظرية المعانى أن الصفات عبارة عن معان قائمة بالذات لا ينتج عن قيامها بالذات لا تعددا ولا تغيرا.
أما الأحوال فتعنى أن الذات الإلهية تكون على حال ثم تكون على حال أخرى، فتكون تارة على حال عالمة ثم على حال قادرة ثم أخرى مريدة وهكذا، وقد قوبلت هذه النظرية بنقد شديد من كثير من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم من متكلمى أهل السنة والفلاسفة.
أما أول محاولة جادة لتفسير علاقة الصفات بالذات الإلهية فقد قام بها أبو الهذيل العلاف المعتزلى (227هـ-842م) حيث روى عنه أنه كان يقول بأن الله قادر بقدرة ليست هى هو ولا هى غيره، وكذا فى سائر الصفات فأثبت له تعالى حق القدرة ولكنه لم يستطع بيان علاقة القدرة أو أية صفة أخرى من صفات الذات بذاته تعالى فقال بما يتناقض مع نفسه، فهذه القدرة ليست هى هو ولا هى غيره ماذا تكون إذن؟!
وكانت هذه المقولة سببا فى اتهام المعتزلة بأنهم نفوا الصفات عن الله عز وجل وأنهم مُعَطِّلة وكان من المعتزلة من يذهب إلى القول بضد الصفة لإثباتها لذاته تعالى، فنفى، العجز يتضمن الوصف بالقدرة، ونفى الجهل عنه تعالى يعنى إثبات صفة العلم لله تعالى، وهكذا فى باقى صفات الذات ومن هنا جاء وصفهم من قبل متكلمى أهل السنة بأنهم نفوا الصفات عن الله عزوجل.
أما أشد أنواع الجدل فقد دار حول الصفات التشبيهية مثل تفسير اليد والوجه والاستواء وما شابه ذلك. حيث توقف أهل السنة والجماعة عن الخوض فيها، وآمنوا بها كما جاءت فى القرآن الكريم دون السؤال عن الكيف.
أما المعتزلة فقد لجأوا فى تفسير ذلك إلى ما عرف بقياس الغائب على الشاهد، وفسروها أحيانا بأنها منسوبة لله عزوجل على سبيل المجاز لا على سبيل الحقيقة، ففسروا الوجه بالوجود واليد بالقدرة والرؤية (رؤية البارى عز وجل فى الآخرة) على أنها تكون بالروح لا بحاسة البصر، وقد اختلف معهم فى هذه الطريقة أيضا متكلمو السنة.
ويرى أبو الحسن الأشعرى أن إثبات الصفة عن طريق نص ضدها حسبما كان يذهب إليه إبراهيم بن سيار النظام (235هـ-850م) قد دخل الفكرالاسلامى عن طريق الفلسفة اليونانية ومن تأثر بها من المسلمين. وقد أيد أبو حامد الغزالى ما ذهب اليه أبو الحسن الأشعرى فى حق الفلاسفة لنفيهم الصفات بحجة أن إثباتها يؤدى إلى التعدد فى الذات الإلهية.
وكذلك يرفض ابن رشد تفسيرالمعتزلة للصفات وعلاقتها بالذات ويدلل على بطلانه وتناقضه مع ذاته ثم جاء ابن تيمية (728هـ) ليرد على المعتزلة والأشاعرة والفلاسفة ويضع حدا للخوض فى هذه المسألة وإثبات استحالة القطع فيها عن طريق العقل.
أ. د/السيد محمد الشاهد