10 - صحيفة المقاطعة

لما رأت قريش أن المسلمين الذين هاجروا للحبشة وجدوا بها ملاذا آمنا طيبا، وأن عمر بن الخطاب دخل الإسلام هو وحمزة وقوى بهما المسلمون، اجتمعت قريش لتدبر أمرها، واتفقوا على أن يكتبوا صحيفة يتعاقدون فيها ضد بنى المطلب على ألا يزوجوهم أو يتزوجوا منهم، ولا يبيعون لهم، ولا يبتاعون منهم، وأن يقاطعوهم، وكتبوا هذه الصحيفة، وتعاهدوا وتواثقوا على ذلك، ثم علقوا الصحيفة فى جوف الكعبة، وكان كاتب الصحيفة هو منصور بن عكرمة بن عامر، ويقال إنه النضر بن الحارث، وقد دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فشلت يده.

وإزاء ذلك انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبى طالب ودخلوا معه فى شعبه، وخرج من بنى هاشم أبو لهب (عبدالعزى بن عبد المطلب).

وقد عانى المسلمون من هذه المقاطعة أشد عناء، ومسهم الضر الشديد على الجوع والحرمان، وقد استمرت هذه المقاطعة حوالى ثلاث سنوات.

انتهاء المقاطعة:

وكان من بين المشركين نفر عارضوا استمرار المقاطعة، إذ أحسوا بالضر الذى يعيش فيه بنو هاشم وبنو المطلب، فمشوا فى نقض الصحيفة، ومن هؤلاء هشام بن عمرو بن الحارث، وأبو البخترى العاص بن هشام، والمطعم بن عدى، وزهير بن أبى أمية، وزمعة بن الأسود، وذهب زهير بن أبى أمية إلى البيت الحرام فطاف سبعا ثم صاح قائلا: يا أهل مكة، أناكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى؟

والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة، وعارض أبوجهل هذا الاتجاه، ولكن جانب الخير كان أقوى.

ويروى ابن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبى طالب: (إن الله سلطد الأرضة على هذه الصحيفة فلحستها ولم تدع بها إلا اسم الله جل وعلا)، فخرج أبو طالب إلى القوم وصاح: يا معشر قريش إن ابن أخى أخبرنى أن الأرضة لحست كلمات المقاطعة فإن كان الأمر كما قال ابن أخى فانتهوا عن قطيعتنا، وإن يكن كاذبا فإنى أسلمه لكم، فقال القوم: رضينا، وتعاقدوا على ذلك وذهبوا للصحيفة فإذا هى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

وانتهت بذلك صحيفة المقاطعة، وإن كان كيد قريش للمسلمين لم ينته، مما جعل المسلمين يلجأون للهجرة إلى المدينة المنورة.

أ. د/أحمد شلبى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015