الألف

1 - آل البيت

اختلف أهل العلم فى أهل البيت من هم؟

فقال عطاء وعكرمة وابن عباس: هم زوجاته صلى الله عليه وسلم خاصة، لا رجل معهن، وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبى صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {واذكرن ما يتلى فى بيوتكن} الأحزاب34.

وذهبت فرقة منهم أبو سعيد الخدرى وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة والزمخشرى والكلبى أنهم: علىُّ وفاطمة والحسن والحسين خاصة.

وذهب فريق منهم الفخر الرازى والقسطلانى وآخرون إلى أنهم آولاده وأزواجه صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين، وعلىُّ منهم؛ لمعاشرته فاطمة وملازمته النبى صلى الله عليه وسلم.

وذهب زيد بن أرقم إلى أنهم من تحرم عليهم الصدقة، وهم آل علىٍّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، وهو الراجح.

قال السيوطى: هؤلاء هم الأشراف حقيقة فى سائر الأعصار وهو ما عليه الجمهور، وهو معنى رواية مسلم عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما بعد .. أيها الناس إنما اًنا بشر يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك بينكم ثقلين: أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به) فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: (وأهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى) قالها ثلاثا، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: آل علىّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس رضى الله عنهم.

والشيعة يخصون أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم بعلىّ وفاطمة والحسن والحسين رضى الله عنهم، لكن رواية زيد السابقة تدل على أن آله من حُرم الصدقة، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط بل هم مع آله.

وقد تنازع الناس فى آل محمد صلى الله عليه وسلم من هم فقيل: أمته وهذا قول طائفة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومالك وغيرهم، وقيل: المتقون من أمته، وإليه ذهب طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم واستدلوا بحديث موضوع هو: "آل محمد كل مؤمن تقى" وبنى على ذلك طائفة من الصوفية أن آل محمد صلى الله عليه وسلم هم خواص الأولياء كما ذكر الحكيم الترمذى.

لكن الصحيح أن آل محمد هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم وهو المنقول عن الشافعى وأحمد رحمهما الله.

وآل بيته النبى صلى الله عليه وسلم يجب حبهم أخرج ابن سعد: "قال رسول صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بأهل بيتى خيرا، فإنى أخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه: خصمه الله)، ونقل القرطبى عن ابن عباس فى قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} الضحى:5. قال: رضا محمد ألاّ يدخل أحد من أهل بيته النار. وأخرج البخارى عن ابن عمر قال آبو بكر: خطب النبى فقال: (أذكركم الله فى أهل بيتى ثلاثا) وروى الامام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله سائلكم كيف خلفتمونى فى كتاب الله وأهل بيتى). وروى الحاكم والترمذى، وصححه على شرط الشيخين، قال صلى الله عليه وسلم: (أحبوا الله لما يغذوكم به، واًحبونى بحب الله وأحبوا أهل بيتى بحبى)، وهناك آثار كثيرة تدل على وجوب حب آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم.

وكثير من الآثار-أيضا- تدل على تحريم بغض آل البيت منها: ما أخرجه الطبرانى والبيهقى وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بال أقوام يؤذوننى فى نسبى وذوى رحمى؟ ومن آذى نسبى وذوى رحمى فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى الله). وروى أحمد مرفوعا: (من أبغض أهل البيت فهو منافق). وروى أبو الشيخ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بال رجال يؤذوننى فى أهل بيتى؟ والذى نفسى بيده، لا يومن عبد حتى يحبنى، ولا يحبنى حتى يحب ذريتى). وروى الحاكم وصحته على شرط الشيخين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار). وقد بلغ من عظيم أدب السلف الصالح أنهم كانوا لا يقرءون فى الصلاة بسورة "المسد" حفاظا على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفسه، مع أنها قرآن منزل. والله أعلم.

أ. د/عبد الصبور مرزوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015