لغة: هو حسنُّ الأذن (1)
واصطلاحا: هو قوة فى الأذن تدرك بها الأصوات وفى التنزيل {إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (ق37) (2)
ويطلق السمع على الأذن وقد يأتى بمعنى الإجابة كما فى الحديث (سمع الله لمن حمده) أى أجاب حمده وتقبله، ومنها الدعاء المأثور"اللهم إنى أعوذ بك من دعاء لا يسمع " أى لا يستجاب، ولا يعتد به، كأنه غير مسموع.
ومن أسماء الله الحسنى السميع، وصفة السمع بالنسبة لله عز وجل هى صفة وجودية أزلية قائمة بذاته تعالى، تكشف لله المسموعات الموجودة، وهى ليست بأذن وجارحة تسمع المخلوقات، فالله تعالى منزه عن ذلك، إنه يسمع كل شيء فى هذا الوجود، إنه يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الملساء فى الليلة الظلماء.
قال تعالى: {قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} (المجادلة 1).
وقال لموسى وهارون: {إننى معكما أسمع وأرى} (طه 46)
وفى السنة نجد مارواه أبو موسى الأشعرى - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلنا لا نصعد شرفا أولا نعلو ولا نهبط فى واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، ودنا منّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذى تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك من كنوز الجنة: لاحول ولا قوة إلا بالله) (رواه البخارى).
والدليل العقلى على ثبوت المسمع له تعالى، أنه تعالى لو لم يتصف بصفة السمع لاتّصف بضدها وهو الصمم وهذا نقص، والنقص محال، فاستحال عليه الضد ووجب اتصافه بصفة السمع. والسمع من أهم حواس الإنسان وأشرفها حتى من البصر كما عليه أكثر الفقهاء، إذ هو المدرك لخطاب الشرع الذى به التكليف، ولأنه يدرك به من سائر الجهات وفى كل الأحوال، هو أول حاسة تعمل فى حواس الإنسان منذ ولادته، ويمكن أن تعمل والإنسان نائم، لذا فقد جاء فى حال أهل الكهف قوله تعالى {فضرينا على اذانهم فى الكهف سنين عددا} (الكهف11) فيشترط فيمن يتصدى لأمر مهم من أمور المسلمين العامة كالإمامة والقضاء أن يكون سميعا، فلا يجوز أن يتم تنصيب إمام أصم، ولا تعيين قاضي لا يسمع.
ومما يدخل تحت باب السمع ما يسمى بالسمعيات وهى الأمور التى يخبرنا بها الشرع مثل أشراط الساعة وعذاب القبر والبعث، والأمور التى تكون بعد البعث كالحساب والكتب والصراط والشفاعة والحوض والجن والنار والملائكة، فهذه السمعيات كلف الشارع عز وجل الناس التصديق بها بقلوبهم واعتقادها فى أنفسهم مع الإقرار بها بألسنتهم، وهى عقائد إيمانية تقررت فى الدين، ومتى أخلّ أحد بواحدة منها لم يكن مؤمنا فعندما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميع عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره (الحديث كاملاً رواه مسلم فى صحيحه فى كتاب الإيمان عن عمر بن الخطاب).
ويدخل تحت باب السمع السماع وهو ضرب من الغناء والتغبيرأي الغناء بذكر الغابرة، وهى الآخرة، والمغبّرون قوم يغبَّرون بذكر الله تعالى بدعاء وتضرع، وقد أطلق عليهم هذا الاسم لتزهيدهم الناس فى الفانية (اى الدنيا) وترغيبهم فى الباقية (أى الآخرة).وقد كرهه الشافعى لأنه يلهى عن ذكرالله وعن القرآن، وقال فيه ابن تيمية: إنه من أمثل أنواع السماع، ومع ذلك كرهه الأئمة فكيف بغيره، ولقد تحدث عن السماع كثيرمن الصوفية فى كتبهم كالقشيرى والغزالى والطوسى.
(هيئة التحرير)
1 - لسان العرب لابن منظور مادة (سمع) (1) صادر. بيروت
2 - التعريفات للجرجانى، ط، البابى الحلبى