لغة: الراصد بالشىء الراقب له، ويقال: أرصدته إذا قعدت له على طريقه ترقبه، والمَرْصد: موضع الرصد.
واصطلاحا: هو القسم العملى من علم الفلك، والذى يُعنى بكيفية مراقبة الأجرام العلوية من شموس وسيّارات وثوابت وتوابعها وذوات الأذناب.
ويعتبر الرصد من أقدم معارف الإنسان، فقد قيل إن الإنسان رصد الكواكب من يوم وجوده لاحتياجه الاهتداء بها، ثم برع المصريون القدماء فى ذلك، وعنهم أخذ اليونان هذا العلم.
وعندما فتح المسلمون البلاد ترجموا ما عند الأمم من علوم، ومنها علم الفلك، وكان أول من عنى بهذا العلم الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور، فهو أول من أشار لحركة الرصد بالآلات، فجمع لذلك علماء الفلك، وشيد مرصدا تولى الرصد بالآلات فى بغداد وجبل قيسون بدمشق سنة 214 هـ، وكانت الآلات عبارة عن جسم مربع مستو يعلم به الميل الكلى وأبعاد الكواكب، وكذا الحلقة الاعتدالية، وذات الأوتار، وذات الحلق، وذات الجيب، والأسطرلاب .. وغيرها من الآلات التى اخترعها المسلمون، حتى صار لعلماء الفلك قسم من الكادر الوظيفى فى الدولة.
ونبغ فى القرن الثانى والثالث الهجريين علماء كثيرون، منهم: محمد بن موسى الخوارزمى، وبنو شاكر، وثابت بن قرة الحرانى، وأحمد بن كثير الفرغانى، وغيرهم، ثم نبغ من بعدهم فى القرنين الرابع والخامس أبو الوفا البوزجانى، والبيرونى، وبنو الأعلم، وغيرهم، وقد شيد هؤلاء العلماء مراصد عدة. ومن بعدهم نصر الدين الطوسى الذى أقام مرصدا ضخما بتركستان.
وكان أول مرصد فى مصر فى عهد الفاطميين، وأقيم على جبل المقطم، وعرف بالمرصد الحاكمى نسبة إلى الحاكم بأمر الله (ت 411 هـ).
وفى القرن السادس عشر توصل "تيخو براهى" إلى اختراع عدة آلات للرصد بعد نقل العلوم الإسلامية إلى الغرب، ثم ظهر من بعده تلميذه "كبلر" فأحدث انقلابا عظيما فى علم الفلك، وعاصره جاليليو، وهو الذى اخترع المنظار الفلكى فرصد به القمر أولا، وفى سنة 1610م رصد المشترى.
ومنذ ذلك الحين توالت الاكتشافات، فظهرت تقنيات حديثة فى الرصد، مما مكّن الإنسان من الصعود على سطح القمر، وإطلاق سفن فضاء ترصد المجموعة الشمسية ومجراتها، وتستشرف آفاق المجهول.
(هيئة التحرير)