لغة: كل شىء يقوم بدور العلامة أوالرمز له دلالته أو معناه، سواء أكانت العلامة أو الرمز كلمات وجملا، أو كانت أشياء غير لغوية، كإشارات المرور، وإيماءة الرأس، ورسم فتاة مغمضة تمسك ميزانا، والتصفيق باليدين، وغيرها.
واصطلاحا: علم مستقل يعد فرعا من فروع اللغة، يهتم بدراسة دلالات الرموز اللغوية وأنظمتها، يسمى علم الدلالة، أو علم المعنى.
وقد كان للعرب فضل السبق فى هذا النوع من الدراسات، فمعظم الأعمال اللغوية المبكرة عند العرب تعد من مباحث الدلالة، مثل: تسجيل معانى الغريب فى القرآن الكريم، والحديثا عن مجاز القرآن، والتأليف فى الوجوه والنظائر فى القرآن، وإنتاج المعاجم. وحتى ضبط المصحف بالشكل يعد فى حقيقته عملا دلاليا، لأن تغييرالضبط يؤدى إلى تغييرالمعنى.
ولعل من أهم الدراسات العربية المبكرة التى تناولت جانبا المعنى دراسات الأصوليين التى سبقته فى كثيرمن نتائجها دراسة المعنى فى العصر الحديث، كما ضمت هذه الدراسات موضوعات مثل: دلالة اللفظ من حيث الشمول (العام، الخاص، المشترك) ودلالة المنطوق، ودلالة المفهوم، وتقسيم المعنى بحسب الظهور والخفاء، وطرق الدلالة، والتغير الدلالى، والحقيقة والمجاز، والمشترك اللفظى والمترادف.
كذلك نجد دراسات واشارات كثيرة للمعنى فى مؤلفات الفلاسفة المسلمين، مثل: الفارابى، وابن سينا، وابن رشد، وابن حزم، والغزالى، والقاضى عبدالجبار وغيرهم.
كما انعكس الاهتمام بالمعنى فى دراسات البلاغيين التى اهتمت بمباحث الحقيقة والمجاز، ودرست كثيرا من الأساليب، كالأمر والنهى والاستفهام، وقدمت نظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجانى وغيرها.
ولم يقتصر الاهتمام العربى بمباحث الدلالة على وسائل الاتصال اللفظية وحدها، بل تجاوزها ليشمل كذلك الوسائل غير اللفظية، وبخاصة حركات الجسم وما تحمله من دلالات لغوية، وفى القرآن الكريم أمثلة كثيرة على ذلك، مثل:
أ- شخوص البصرعند الدهشة، كما فى قوله تعالى {واقترب الوعد الحق فإذا شاخصة أبصارالذين كفروا} الأنبياء:97.
ب- غل اليدين إلى العنق للإشارة إلى البخل، كما فى قوله تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} الإسراء:29.
وقد أشار الجاحظ فى كتابه "البيان والتبين" إلى حسن الاشارة باليد والرأس، واعتبرها من تمام حسن البيان باللسان، كما نعى على أحد المتحدثين عدم استخدامه الإشارة باليد وغيرها.
كما أشار الجاحظ إلى التواصل باستخدام العين أو الجفن للتفاهم بين اثنين بطريقة تخفى على الآخرين، فى أمور يسترها بعض الناس من بعض، ويخفونها من الجليس وغير الجليس.
أ. د/أحمد مختار عمر